نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 651
إنّ هذا الحديث بظاهره يثبت للّه أعضاءً وانّه يضع قدمه في الجحيم حتى تسكت النار ، تعالى عن ذلك علواً كبيراً ، ومعنى ذلك انّ بعض أجزاء جسمه تحل في خلقه ، لأنّ النار بعض خلقه كما يثبت للّه نقلة وحركة . تعالى اللّه عن ذلك . ثمّ إنّ الذين يأخذون بحرفية الصحيحين صاروا بصدد تأويل الحديث تأويلاً لو صحّ لدلّ على أنّ النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » كان في مقام الإلغاز لا في مقام التعليم والتفهيم . على أنّه سبحانه لو كان بصدد الحدّ من نار جهنم أو إملاءها حتى يتحقق قوله : ( لأملأنَّ جهنم ) ( هود / 119 ) لما كان له حاجة إلى وضع قدمه بل كفى أمره بهما كما أمر بالنار في حقّ إبراهيم ، قال سبحانه : ( قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وسَلاماً عَلى إِبْراهِيم ) ( الأنبياء / 69 ) . إنّ اللّه سبحانه يبطل أُلوهية غيره بورودهم للجحيم . قال سبحانه : ( إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُون * لَو كانَ هؤلاءِ آلهة ما وَرَدُوها وَكلٌّ فِيها خالِدُون ) ( الأنبياء / 98 - 99 ) . ومع ذلك فكيف يدخلها ربّ العالمين ويردها ويضع قدمه فيها ، ويجعل نفسه من مصاديق ما أُشير إليهم في الآية ؟ وقد مرّت مناقشة الحديث ، عند دراسة أحاديث أبي هريرة . إنّ هذا الحديث وما سيوافيك من سائر الأحاديث الدالة على التجسيم والتشبيه موضوعة على لسان أنس ، وإن اغترّ صاحبا الصحيحين فأورداها في صحيحيهما ظناً منهما بأنّ صحّة السند كافية في النقل والرواية والقبول مع أنّه ثمة شروط أُخرى لا بدّ من الالتزام بها في صحّة الحديث ، وهي أن لا تكون الرواية مخالفة للقرآن والعقل الصريح واتّفاق المسلمين كما أوعزنا إليها في المقدمة ، وأيّ شيء أوضح من أنّه سبحانه ليس بجسم وليس له عضو وحركة ونقل .
651
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 651