نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 641
بدا لي انّ الناس يتحفون ضيفهم ويخبئون لغائبهم فأمسكوا ما شئتم ، ونهيتكم عن النبيذ في هذه الأوعية فاشربوا بما شئتم ولا تشربوا مسكراً فمن شاء أوكأ سقاءه على إثم . ( 1 ) هنا تساؤلات نطرحها : أ . الحديث - مع قطع النظر عن سنده - مبني على أنّه يصحّ للنبي « صلى الله عليه وآله وسلم » الاجتهاد في الأحكام الشرعية وانّه كسائر المجتهدين يخطئ ويصيب ، ولكن هذا الزعم يخالف الذكر الحكيم ، قال سبحانه : ( وَلَولا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاّ أنفُسَهُم وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْء وَأَنْزَل اللّهُ عَلَيْكَ الكِتابَ وَالحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) ( النساء / 113 ) . وقد ذكر المفسرون أسباب نزول متعددة لهذه الآية تجمعها انّها رفعت إلى النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » واقعة كان الحقّ فيها غير واضح ، فأراه اللّه سبحانه حقيقة الواقع الذي تخاصم فيها المتحاكمان وعلّله بقوله : ( وَلَولا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ ) . ففضل اللّه ورحمته صدّاه عن الحكم بالباطل ، وهل كان فضله سبحانه ورحمته مختصين بهذه الواقعة أو انّهما خيّما عليه طيلة عمره الشريف ؟ مقتضى قوله سبحانه في ذيل الآية : ( وَكانَ فَضْلُ اللّهِ عليكَ عَظيماً ) هو انّه حظي بهما طيلة عمره الشريف . فهو في كلّ الحوادث والوقائع يحكم بمرّ الحق ونفس الواقع مؤيّداً من قبل اللّه ، ومن اختص بهذه المنزلة الكبيرة فقد استغنى عن الاجتهاد المصيب تارة والمخطئ أُخرى . ب . انّه سبحانه يخاطب النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » بقوله : ( ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَة مِنَ
1 - المزفت : هو الإناء الذي طلي بالزفت وهو نوع من القار ، ثمّ انتبذ فيه . ( النهاية : 2 / 304 ) .
641
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 641