نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 602
البحر كالمتشحِّط في دمه في البرِّ ، وما بين الموجتين كقاطع الدُّنيا في طاعة اللّه ، وإنّ اللّه عزّ وجلّ وكّل ملك الموت بقبض الأرواح إلاّ شهيد البحر ، فإنّه يتولّى قبض أرواحهم . ويغفر لشهيد البرِّ الذنوب كلّها إلاّ الدَّيْن ، ولشهيد البحر الذُّنوب والدَّين . ( 1 ) يلاحظ عليه : كيف أنّه سبحانه يتولّى قبض أرواحهم ، مع أنّه سبحانه يقول : ( قُلْ يَتَوفّاكُمْ مَلَكُ المَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) ( السجدة / 11 ) . يقول سبحانه : ( الَّذِينَ تَتَوفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنْفُسِهِمْ ) ( النحل / 28 ) . وقال سبحانه : ( الَّذِينَ تَتَوفّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) ( النحل / 32 ) ، إلى غير ذلك من الآيات التي تصرِّح بأنّ الملائكة هم الموكَّلون بقبض الأرواح دون فرق بين شهيد البرِّ وشهيد البحر ، ولما كانت الملائكة هم المباشرون لقبض الروح بأمر منه سبحانه صحّ نسبة التوفّي إليهم ، كما في الآيات السالفة الذكر ، وإلى اللّه سبحانه أيضاً ، قال : ( اللّهُ يَتَوفّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالّتِي لَمْ تَمُت فِي مَنامِها ) ( الزمر / 42 ) . وقال سبحانه : ( هُوَ الَّذِي يَتَوفاكُمْ باللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهار ) ( الأنعام / 60 ) ، وقال عزّ من قائل : ( وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَن يردّ إِلى أَرذَلِ الْعُمُر ) ( النحل / 70 ) ، وعلى ضوء ذلك فعالم الاحياء والإماتة عالم الأسباب والمسببات وإليه سبحانه ينتهي تأثير الأسباب والقوى الغيبيّة فتصح نسبة الفعل إلى المباشر والمسبب . وربما يتخيل انّ قيامه سبحانه بقبض روح شهيد البحر تخصيص للآيات السابقة فلا مانع من أن يكون قبض الأرواح بيد الملائكة إلاّ شهيد البحر ، لكنّه
1 - سنن ابن ماجة : 2 / 928 برقم 2778 .
602
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 602