نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 568
بالقضاء والقدر ، لأنّ تأثير الأسباب الطبيعية بإذن اللّه سبحانه ، وتأثيره من تقديراته ، قال سبحانه : ( وَأَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرج بِهِ مِنَ الثَّمرات رِزقاً لَكُمْ ) ( البقرة / 22 ) أي أخرج بسبب الماء . إلى غير ذلك من الآيات الناصّة على تأثير الأسباب الطبيعية بإذن اللّه . فلما نفى النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » - حسب ما جاء فيها - العدوي بنحو مطلق بدت على وجه الاعرابي علائم الاستغراب ، وأدرك انّ ما سمعه من النبي يخالف الملموس في حياته فسأله وقال : أرأيت البعير يكون به الجرب فيُجرب الإبل كلّها ، فكيف تنفي العدوي وانتقال المرض من حيّ إلى آخر ؟ ! فما ورد في الرواية من الجواب لا يقنعه ولا يزيل استغرابه ، فانّ الجواب فيها عبارة عن قوله : « ذلكم التقدير » أي انّ الانتقال بتقديره سبحانه لا بالعدوى مع انّه لا تنافي بين الأمرين ، وذلك لأنّ انتقال المرض من مريض إلى صحيح ، سنة من سنن اللّه سبحانه ، سنّها وقدّرها كما قدّر سائر السنن الكونية ، فلا مانع من أن يكون هناك تقدير وفي الوقت نفسه عدوى . 2 . انّ المجيب في الرواية لم يقتصر بقوله : « ذلكم التقدير » بل ضمّ إليه جواباً آخر وهو انّه لو صحّ « العدوي » فمن جرّب البعير الأوّل إذ لم يكن هناك إلاّ بعير واحد ابتلي بالمرض حتى يكون هو السبب للجرب . مع أنّ هذا الجواب لا يصلح للردّ أبداً إذ يمكن أن يكون للمرض عاملان أحدهما : « العدوي » ، وثانيهما : « تأثير العوامل الطبيعية الأُخرى » . 3 . كيف تنفي الرواية العدوي مع أنّ سعد بن أبي وقاص نقل عن النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » أنّه قال : « وإذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تهبطوا ، وإذا كان بأرض وأنتم بها فلا تفرّوا منه » ( 1 ) ؟
1 - مسند أحمد : 1 / 174 ؛ سنن أبي داود برقم 3921 .
568
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 568