نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 550
إلى غير ذلك من الحوادث والنوازل التي تنهب نفس الإنسان ونفيسه ومن حسن الحظ انّ تلك الأُمور الخارجة عن إطار الاختيار ليست ملاكاً للثواب والعقاب ولا للحسن والقبح ، فليس لمشيئة الإنسان أيّ دور فيها . إنّما الكلام فيما يقوم به الإنسان من الأعمال التي عليها يدور رحى الإيمان والكفر ، والثواب والعقاب ، وقد سئل ابن عمر عن هذا القسم من الأُمور ، حيث قال السائل : « إنّ عندنا رجالاً يزعمون انّ الأمر بأيديهم فإن شاءوا عملوا وإن شاءوا لم يعملوا » ولا شكّ انّ هذا القسم من الأفعال بيد الإنسان ومشيئته فعلاً وتركاً فهو بحول اللّه وقوته يقوم بهذا الأمر أو يتركه في ضوء الاختيار الذي فطر اللّه الإنسان عليه ، فإنكار المشيئة في هذا النوع من الأفعال يلازم الجبر المطلق ويعارض الهدف الذي بعث لأجله الأنبياء . وبالتالي يكون الإنسان مكتوف اليدين في مسرح الحياة فما استنتجه ابن عمر من حديث الرسول فرض على الحديث وليس الحديث ناظراً إلى سلب الاختيار ، بل تقديره سبحانه في حقّ الإنسان هو أن يكون إنساناً مختاراً ، يعمل بما شاء وفق مشيئته واختياره . وبعبارة أُخرى لا مانع أن يكون هذا القسم من الأفعال مقدراً من جانبه سبحانه ، وفي نفس الوقت يكون فعله وتركه بيد الإنسان ، وذلك لأنّ المقدر فيه هو كون الإنسان مختاراً ، وأن يكون الفعل والترك باختياره ، فالقول بالاختيار لا يخالف التقدير . فكما انّ أصل الفعل مقدّر من جانبه سبحانه ، كذلك وصفه أي صدوره عن فاعل مختار باختياره أيضاً مقدّر ، فلو أنكرنا مشيئتهم ودورهم في أفعالهم فقد أنكرنا تقدير اللّه سبحانه في أفعال الإنسان .
550
نام کتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 550