< فهرس الموضوعات > الطائر الطويل الساقين والتدبير في ذلك < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > العصافير وطلبها للاكل < / فهرس الموضوعات > قدر الرزق كيف فرقه . فلم يجعل مما لا يقدر عليه ، إذ جعل بالخلق حاجة إليه ، ولم يجعل مبذولا ينال بالهوينا [1] إذ كان لا صلاح ذلك فإنه لو كان يوجد مجموعا معدا كانت البهائم تنقلب عليه ، ولا تنقلع عنه حتى تبشم [2] فتهلك . وكان الناس أيضا يصيرون بالفراغ إلى غاية الأشر والبطر ، حتى يكثر الفساد وتظهر الفواحش . ( معاش البوم والهام والخفاش ) أعلمت ما طعم هذه الأصناف من الطير التي لا تخرج إلا بالليل ، كمثل البوم والهام [3] والخفاش ؟ . . . قلت : لا يا مولاي . قال : إن معاشها من ضروب تنتشر في الجو من البعوض والفراش وأشباه الجراد واليعاسيب [4] . وذلك أن هذه الضروب مبثوثة في الجو لا يخلو منها موضع . . واعتبر ذلك بأنك إذا وضعت سراجا بالليل في سطح أو عرصة دار ، اجتمع عليه من هذه الضروب شئ كثير . . فمن أين يأتي ذلك كله ، إلا من القرب ؟ فإن قال قائل : إنه يأتي من الصحارى والبراري ، قيل له : كيف يوافي تلك الساعة من موضع بعيد ، وكيف يبصر من ذلك البعد سراجا في دار محفوفة بالدور فيقصد إليه ، مع أن هذه عيانا تتهافت على السراج من قرب ، فيدل ذلك على أنها منتشرة في كل
[1] الهوينا : التؤدة والرفق ، وهي تصغير الهونى ، والهونى تأنيث الأهون . . . وقد كتبت الهوينا في الأصل هكذا : الهويني . [2] تبشم أي تتخم من الطعام . [3] الهام جمع هامة : نوع من البوم الصغير تألف القبور والأماكن الخربة وتنظر من كل مكان أينما درت أدارت رأسها ، وتسمى أيضا الصدى . [4] اليعاسيب جمع يعسوب وهو ذكر النحل وأميرها .