responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوحيد نویسنده : المفضل بن عمر الجعفي    جلد : 1  صفحه : 36


يقتضيه ويستحث به ، فالجوع يقتضي الطعم الذي فيه راحه البدن وقوامه والكرى [1] يقتضي النوم الذي فيه راحة البدن واجمام [2] قواه ، والشبق [3] يقتضي الجماع الذي فيه دوام النسل وبقاؤه . . ولو كان الإنسان إنما يصير إلى أكل الطعام ، لمعرفته بحاجة بدنه إليه ، ولم يجد من طباعه شيئا يضطره إلى ذلك ، كان خليقا أن يتوانى [4] عنه أحيانا بالثقل والكسل ، حتى ينحل ؟ ؟
بدنه فيهلك ، كما يحتاج الواحد الدواء لشئ مما يصلح به بدنه فيدافع به حتى يؤديه ذلك إلى المرض والموت ، وكذلك لو كان إنما يصير إلى النوم بالفكر في حاجته إلى راحه البدن واجمام قواه كان عسى أن يتثاقل عن ذلك ، فيدفعه ينهك بدنه . ولو كان إنما يتحرك للجماع بالرغبة في الولد كان غير بعيد أن يفتر عنه ، حتى يقل النسل أو ينقطع فإن من الناس من لا يرغب في الولد ، ولا يحفل به .
فانظر كيف جعل لكل واحد من هذه الأفعال التي بها قوام الإنسان وصلاحه ، محركا من نفس الطبع يحركه لذلك ، ويحدوه عليه .
واعلم أن في الإنسان قوى أربعا قوة جاذبة تقبل الغذاء وتورده على المعدة . وقوة ماسكة تحبس الطعام ، حتى تفعل فيه الطبيعة فعلها ، وقوة هاضمة ، وهي التي تطبخه ، وتستخرج صفوه ، وتبثه في البدن ، وقوة دافعة تدفعه وتحدر الثفل [5] الفاضل ، بعد أخذ الهاضمة حاجتها . . ففكر في تقدير هذه القوى الأربع التي في البدن وأفعالها وتقديرها للحاجة إليها والأرب فيها ، وما في ذلك من التدبير والحكمة ، فلولا الجاذبة كيف كان يتحرك الإنسان لطلب الغذاء الذي به قوام البدن ؟ ولولا الماسكة كيف



[1] الكرى : النعاس .
[2] الاجمام من الجمام وهو الراحة يقال : جم الفرس إذا ذهب إعياؤه .
[3] يتوانى : يقصر .
[4] الشبق بفتحتين شدة الشهوة .
[5] الثفل هو ما يستقر في أسفل الشئ من كدرة .

36

نام کتاب : التوحيد نویسنده : المفضل بن عمر الجعفي    جلد : 1  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست