الدبر ومراقي البطن منها وضر [1] يجتمع عليها الذباب والبعوض فجعل لها الذنب كالمذبة [2] تذب بها عن تلك المواضع ، ومنها أن الدابة تستريح إلى تحريكه وتصريفه يمنة ويسرة ، فإنه لما كان قيامها على الأربع بأسرها ، وشغلت المقدمتان بحمل البدن عن التصرف والتقلب ، كان لها في تحريك الذنب راحة ، وفيه منافع أخرى يقصر عنها الوهم ، فيعرف موقعها في وقت الحاجة إليها ، فمن ذلك أن الدابة ترتطم في الوحل [3] ، فلا يكون شئ أعون على نهوضها ، من الأخذ بذنبها ، وفي شعر الذنب منافع للناس كثيرة يستعملونها في مأربهم ، ثم جعل ظهرها مسطحا مبطوحا على قوائم أربع ليتمكن من ركوبها ، وجعل حياها بارزا من ورائها ليتمكن الفحل من ضربها ، ولو كان أسفل البطن كما كان الفرج من المرأة لم يتمكن الفحل منها . . . ألا ترى أنه لا يستطيع أن يأتيها كفاحا [4] كما يأتي الرجل المرأة ( الفيل ومشفره ) تأمل مشفر [5] الفيل وما فيه من لطيف التدبير ، فإنه يقوم مقام اليد في تناول العلف والماء ، وازدرادهما إلى جوفه ، ولولا ذلك لما استطاع أن يتناول شيئا من الأرض ، لأنه ليست له رقبة يمدها كسائر الأنعام ، فلما عدم العنق أعين مكان ذلك بالخرطوم الطويل ليسد له ، فيتناول به
[1] الوضر - بفتحتين - مصدر الوسخ . [2] المذبة - بالكسر - ما يذب به الذباب . [3] الوحل - بفتحتين - الطين الرقيق جمعه وحول وأوحال . [4] الكفاح - بالكسر - الملاقاة وجها لوجه . [5] المشفر - بكسر فسكون ففتح - الشفة وتستعمل للبعير إلا أن الإمام الصادق عدل المعنى إلى خرطوم الفيل إذ هو بمثابة الشفاه ، بل هو شفاهه الحقيقية التي بها يتناول العلف والماء .