( خلق الأصناف الثلاثة من الحيوان ) فكر يا مفضل في هذه الأصناف الثلاثة من الحيوان وفي خلقها ، على ما هي عليه مما فيه صلاح كل واحد منها . فالإنس لما قدروا أن يكونوا ذوي ذهن وفطنة وعلاج لمثل هذه الصناعات من البناء والتجارة والصياغة والخياطة ، وغير ذلك خلقت لهم أكف كبار ذوات أصابع غلاظ ليتمكنوا من القبض على الأشياء ، وأوكدها هذه الصناعات . ( آكلات اللحم من الحيوان والتدبير في خلقها ) وآكلات اللحم لما قدر أن تكون معائشها من الصيد ، خلقت لهم أكف لطاف مدمجة [1] ذوات براثن [2] ومخالب [3] تصلح لأخذ الصيد ولا تصلح للصناعات ، وآكلات النبات قدر أن يكونوا ، لا ذوات صنعة ولا ذات صيد خلقت لبعضها أظلاف تقيها خشونة الأرض إذا حاولت طلب المرعى ، ولبعضها حوافر ململمة [4] ذوات قعر [5] كأخمص القدم تنطبق على الأرض عند تهيئها للركوب والحمولة . تأمل التدبير في خلق آكلات اللحم من الحيوان ، حين خلقت ذوات أسنان حداد ، وبراثن شداد ، وأشداق [6] وأفواه واسعة ، فإنه لما قدر أن
[1] مدمجة أي مستقيمة محكمة متداخلة . [2] البراثن جمع برثن بالضم - من السباع والطير بمنزلة الإصبع من الإنسان . [3] المخالب جمع مخلب - بالكسر - وهو الظفر خصوصا من السباع . [4] ململمة أي مجموعة بعضها إلى بعض . [5] قعر كل شئ أقصاه . [6] الأشداق جمع شدق - بالفتح أو الكسرة - زاوية الفم من باطن الخدين .