وحلق الرأس ، وقص الأظفار ، في كل أسبوع ليسرع الشعر والأظفار في النبات ، فتخرج الآلام والأدواء بخروجهما [1] . . . وإذا طالا تحيرا ، وقل خروجهما ، فاحتبست الآلام والأدواء في البدن فأحدثت عللا وأوجاعا ، ومنع - مع ذلك - الشعر من المواضع تضر بالإنسان ، وتحدث عليه الفساد والضر لو نبت الشعر في العين ، ألم يكن سيعمي البصر ؟ ولو نبت في الفم ، ألم يكن سينغص على الإنسان طعامه وشرابه ؟ ولو نبت في باطن الكف ، ألم يكن سيعوقه عن صحه اللمس وبعض الأعمال ؟ ولو نبت في فرج المرأة وعلى ذكر الرجل ، ألم يكن سيفسد عليهما لذة الجماع ؟ . . . فانظر كيف تنكب [2] الشعر عن هذه المواضع ، لما في ذلك من المصلحة ، ثم ليس هذا في الإنسان فقط ، بل تجده في البهائم والسباع وسائر المتناسلات ، فإنك ترى أجسامها مجللة بالشعر وترى هذه المواضع خالية منه لهذا السبب بعينه . . فتأمل الخلقة كيف تتحرز [3] وجوه الخطأ والمضرة ، وتأتي بالصواب والمنفعة . ( شعر الركب والإبطين ) إن المنانية [4] وأشباههم ، حين أجهدوا في عيب الخلقة والعمد [5] عابوا . الشعر النابت على الركب والإبطين ، ولم يعلموا ذلك من رطوبة تنصب إلى هذه المواضع ، فينبت الشعر كما ينبت العشب في مستنقع المياه أفلا ترى إلى هذه المواضع أستر وأهيأ لقبول تلك الفضلة من غيرها ؟ ؟ . . . ثم إن هذه تعد
[1] يؤيد هذا الرأي علم الطب الحديث ، وإن كانت نظرية التطور تقول بأن الشعر والأظافر من الزوائد الحيوانية الأولى التي لم يعد لها نفع ولا فائدة . [2] تنكب عليه : عدل عنه وتجنبه . [3] احترز منه وتحرز أي تحفظه وتوقاه كأنه جعل نفسه في حرز منه . [4] المنانية أو المانوية سبق الكلام عنها في أوائل الكتاب . [5] يقال فعله عمدا وعن عمد أي قصدا لا عن طريق الصدفة .