والفضول إلى مفائض [1] قد أعدت لذلك فما كان منه من جنس المرة [2] الصفراء جرى إلى المرارة [3] وما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال ، وما كان من البلة والرطوبة جرى إلى المثانة [4] . فتأمل حكمة التدبير في تركيب البدن ، ووضع هذه الأعضاء منه مواضعها ، وإعداد هذه الأوعية فيه ، لتحمل تلك الفضول ، لئلا تنتشر في البدن فتسقمه وتنهكه ، فتبارك من أحسن التقدير ، وأحكم التدبير ، وله الحمد كما هو أهله ومستحقه . ( أول نشوء الأبدان : تصوير الجنين في الرحم ) قال المفضل فقلت : صف نشوء الأبدان ونموها حالا بعد حال حتى تبلغ التمام والكمال ، قال عليه السلام : أول ذلك تصوير الجنين في الرحم حيث لا تراه عين ولا تناله يد ، ويدبره حتى يخرج سويا مستوفيا جميع ما فيه قوامه وصلاحه من الأحشاء والجوارح والعوامل ، إلى ما في تركيب أعضائه من
[1] المفائض : المجاري ، مأخوذة من فاض الماء ، وفي بعض النسخ بالغين من غاض الماء غيضا ، أي نضب وذهب في الأرض . [2] المرة : بكسر ففتح - خلط من أخلاط البدن وهو الصفراء أو السوداء ، جمعه مرار . [3] المرارة : هنة شبه كيس لاصقة بالكبد تكون فيها مادة صفراء هي المرة أشار إليها الإمام ، جمعها مرائر ومرارات . [4] في كلام الإمام عليه السلام هنا معان صريحة عن الدورة الدموية - التي اكتشفها العالم الانكليزي وليم هارفي ( 1578 - 1756 ) بل أن الإمام قد فصل القول - كما نرى هنا - عن جريان الدم في الأوردة والشرايين ، وإن مركزه هو القلب ، فنستطيع إذن أن نقول بأن الإمام هو المكتشف الأول للدورة الدموية .