نام کتاب : الأمثال والحكم المستخرجة من نهج البلاغة نویسنده : محمد الغروي جلد : 1 صفحه : 488
وطلبوا علم ما كفوه ، حتّى انتهى كلامهم إلى الله عزّ وجلّ فتحيّروا ، فأن كان الرّجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه ، ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه » . [1] وأمّا قوله تعالى « فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً ولا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً » . [2] الدّالّ على جواز المراء الظَّاهر ، فالمراد به : الحكاية بغير مجادلة متعمّقة . قال الفيض : فلا تجادل أهل الكتاب في شأن الفتية ، إلَّا جدلا ظاهرا غير متعمّق فيه ، وهو أن تقصّ عليهم بما أوحى إليك ، من غير تجهيل لهم والرّدّ عليهم . [3] والضّابط الكلَّيّ في الاستثناء هو ما لم يسبّب الشّحناء والعداوة وضيق الصّدر ، بل كان في جوّ هادىء ، وتبادل بين الجانبين ، حتّى إذا تبيّن الحقّ لهما أو أحدهما انتهى كلّ شيء ، وعاد كلّ إلى ما كان أوّلا ، لا ما تقول ويقول ، ولا ينتهى القول إلَّا وقد حصل العداء أو الإعراض القلبي والنّزاع . وما تقدّم من الأحاديث إنّما هو النّهي عمّا يسبّب ذلك ، فالواجب التّرك ، وإن كان محقّا لأنّ ما يحصل من المراء من الشّحناء أضرّ من ترك الجدل ، ولعلّ قوله تعالى : « ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ » . [4] هو هذا المعنى بدليل ما تقدّمه : « ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ » ثم قال : « ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ » . وما يتوهّم من جعل ذلك ديدنا ممنوعا لا أصل المراء من نفس كلام