نام کتاب : الأمثال والحكم المستخرجة من نهج البلاغة نویسنده : محمد الغروي جلد : 1 صفحه : 478
ومنها : الإشارة إلى الكفّ عمّا يفضي إلى التّهلكة ، فضلا عنها نفسها ، حيث قال : « إلى التّهلكة » ولم يقل عزّ وجلّ : ( في التّهلكة ) . وكلمة ( إلى ) تقال : فيما ربّما يتحقّق معه مدخولها خارجا . فالأمر بالإنفاق تحذير عمّا يوجب الهلاك أحيانا . والمقصود هنا : الإشارة ، لا بيان جميع ما في الآية من إشارة . وهلكة الدّنيا : هي الاقتحام في الشّرور والأضرار ، وما به فساد البدن ، أو ما يمتّ به من داخل أو خارج ممّا لا يحصى من مهلكات . وهلكة الآخرة : الكفر بأنواعه الخمسة ، [1] ومعاصي الجوارح والجوانح من فساد المعتقدات وغيرها الَّتي بيّنها الوحي وشرائع السّماء المنزلة على الأنبياء عليهم السّلام ، لا سيّما القرآن الكريم المنزل على الرّسول الأعظم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، وروايات أهل البيت المعصومين عليهم السّلام ، ومنها حديثنا الجاري تشمل الهلكة فيه لكلّ ما ذكر ، وما لم يذكر . ثمّ الهلكة قد حكم العقل باجتناب محتملها فضلا عن معلومها أو مظنونها ، والشّرع أمر بالتّجنّب عن محتملها أمرا إرشاديّا ، كما ذهب إليه الأصوليّ ، أو مولويّا ، وعليه الأخباريّ بروايات الاحتياط الَّتي تناولها الفقهاء بالبحث عنها في علم الأصول ، وبالطَّريق الأولى في المظنون والمقطوع ، ويتفرّع على ذلك فروع فقهيّة كثيرة ، مذكورة في علم الفقه . ومن جعل الإمام عليه السّلام الاستسلام الموجب للهلاك من شعب الشّكّ الأربع الآنفة الذّكر ، يتجلَّى بوضوح حكم معلوم الهلاك