نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 379
وأما قوله : " وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " فهو تبارك اسمه أجل وأعظم من أن يظلم ، ولكن قرن أمناءه على خلقه بنفسه ، وعرف الخليقة جلالة قدرهم عنده ، وأن ظلمهم ظلمه ، بقوله ، " وما ظلمونا " ببغضهم أولياءنا ومعونة أعدائهم عليهم " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " إذ حرموها الجنة ، وأوجبوا عليها خلود النار . وأما قوله : " إنما أعظكم بواحدة " فإن الله جل ذكره نزل عزائم الشرائع وآيات الفرائض ، في أوقات مختلفة ، كما خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، ولو شاء لخلقها في أقل من لمح البصر ، ولكنه جعل الأناة والمداراة أمثالا لأمنائه وإيجابا للحجة على خلقه ، فكان أول ما قيدهم به : الإقرار بالوحدانية والربوبية والشهادة بأن لا إله إلا الله ، فلما أقروا بذلك تلاه بالاقرار لنبيه صلى الله عليه وآله بالنبوة والشهادة له بالرسالة ، فلما انقادوا ذلك فرض عليهم الصلاة ، ثم الصوم ، ثم الحج ثم الجهاد ، ثم الزكاة ، ثم الصدقات ، وما يجري مجراها من مال الفيئ ، فقال المنافقون : هل بقي لربك علينا بعد الذي فرضه شئ آخر يفترضه . فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره ، فأنزل الله في ذلك : " قل إنما أعظكم بواحدة " يعني : الولاية ، وأنزل ، " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " وليس بين الأمة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد وهو راكع غير رجل ، ولو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط من معناها المحرفون فيبلغ إليك وإلى أمثالك ، وعند ذلك قال الله : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " . وأما قوله للنبي : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " وأنك ترى أهل الملل المخالفة للإيمان ومن يجري مجراهم من الكفار مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية
379
نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 379