نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 368
يشاء ، ويعطي ويمنع ، ويثيب ويعاقب على يد من يشاء ، وإن فعل أمنائه فعله ، كما قال : وما تشاؤن إلا أن يشاء الله . وأما قوله : ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه ، وقوله وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ، فإن ذلك كله لا يغني إلا مع الاهتداء ، وليس كل من وقع عليه اسم الإيمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به الغواة ، ولو كان ذلك كذلك لنجت اليهود مع اعترافها ، بالتوحيد ، وإقرارها بالله ونجى ساير المقرين بالوحدانية ، من إبليس فمن دونه في الكفر ، وقد بين الله ذلك بقوله الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون وبقوله : الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، وللإيمان حالات ومنازل يطول شرحها ، ومن ذلك : أن الإيمان قد يكون على وجهين : إيمان بالقلب ، وإيمان باللسان ، كما كان إيمان المنافقين على عهد رسول الله ، لما قهرهم بالسيف وشملهم الخوف فإنهم آمنوا بألسنتهم ، ولم تؤمن قلوبهم ، فالإيمان بالقلب هو التسليم للرب ، ومن سلم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره ، كما استكبر إبليس عن السجود لآدم ، واستكبر أكثر الأمم عن طاعة أنبيائهم ، فلم ينفعهم التوحيد كما لم ينفع إبليس ذلك السجود الطويل ، فإنه سجد سجدة واحدة أربعة آلاف عام ، ولم يرد بها غير زخرف الدنيا ، والتمكين من النظرة ، فلذلك لا تنفع الصلاة والصدقة إلا مع الاهتداء إلى سبيل النجاة ، وطرق الحق ، وقد قطع الله عذر عباده بتبيين آياته ، وإرسال رسله ، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج إليه الخليقة ، ومتعلم على سبيل النجاة ، أولئك هم الأقلون عددا ، وقد بين الله ذلك في أمم الأنبياء وجعلهم مثلا لمن تأخر ، مثل قوله - في قوم نوح - : وما آمن معه إلا قليل ، وقوله - فيمن آمن من أمة موسى - : ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ، وقوله - في حواري عيسى حيث قال لسائر بني إسرائيل - : من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ، يعني : بأنهم مسلمون لأهل الفضل فضلهم
368
نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 368