نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 327
قال له اليهودي : فإن هذا سليمان أعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ؟ فقال علي عليه السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من هذا إنه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الأرض قبله ، وهو : ميكائيل فقال له : يا محمد عش ملكا منعما وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك ، ويسير معك جبالها ذهبا وفضة ، ولا ينقص لك مما ادخر لك في الآخرة شئ ، فأومى إلى جبرئيل - وكان خليله من الملائكة - فأشار عليه ، أن تواضع فقال له : بل أعيش نبيا عبدا آكل يوما ولا آكل يومين ، والحق بإخواني من الأنبياء فزاده الله تبارك وتعالى الكوثر ، وأعطاه الشفاعة ، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة ، ووعده المقام المحمود ، فإذا كان يوم القيامة أقعده الله عز وجل على العرش ، فهذا أفضل مما أعطي سليمان . قال له اليهودي : فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح ، فسارت به في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر ؟ قال له علي عليه السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من هذا : إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام ، في أقل من ثلث ليلة ، حتى انتهى إلى ساق العرش ، فدنى بالعلم فتدلى من الجنة رفرف أخضر ، وغشى النور بصره فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ، ولم يرها بعينه ، فكان كقاب قوسين بينه وبينها أو أدنى ، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى ، وكان فيما أوحى إليه : الآية التي في سورة البقرة قوله : " لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير " [1] وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى أن بعث الله تبارك وتعالى محمدا ، وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها ، وقبلها رسول الله وعرضها على أمته فقبلوها ، فلما رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها ،