نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 187
والاستغناء به عن رفيع المطعم والمشرب ، وعن غصب مؤمن حقه وادعاء ما ليس له بحق ، أفضل وأحب إلى الله عز وجل وأقرب للتقوى ، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أصاب الشعير أكل وفرح به ولم يسخطه . وأما ما ذكرت : من إعطائي فإني قدمته ليوم فاقتي وحاجتي ، ورب العزة يا عمر ، ما أبالي إذا جاز طعامي لهواتي وانساغ [1] في حلقي ، لباب البر ومخ المعزة كان أو خشارة الشعير [2] . وأما قولك : إني ضعفت سلطان الله ووهنته ، وأذللت نفسي وامتهنتها [3] حتى جهل أهل المدائن إمارتي ، واتخذوني جسرا يمشون فوقي ، ويحملون علي ثقل حمولتهم [4] وزعمت أن ذلك مما يوهن سلطان الله ويذله . فاعلم : أن التذلل في طاعة الله أحب إلى من التعزز في معصيته ، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله يتألف الناس [5] ويتقرب منهم ويتقربون منه في نبوته وسلطانه ، حتى كأنه بعضهم في الدنو منهم ، وقد كان يأكل الجشب [6] ويلبس الخشن ، وكان الناس عنده قرشيهم ، وعربيهم ، وأبيضهم ، وأسودهم ، سواء في الدين وأشهد أني سمعته يقول : " من ولي سبعة من المسلمين بعدي ثم لم يعدل فيهم لقي الله وهو عليه غضبان " فليتني يا عمر أسلم من عمارة المدائن [7] مع ما ذكرت إني
[1] انساغ : مر في حلقه . [2] الخشارة : ما لا لب له من الشعير . [3] أي وضعتها موضع الإهانة . [4] كل ما له قدر ، ووزن فهو : ثقل . والحمولة بالفتح : الإبل التي تطيق أن يحمل عليها . [5] التألف المدارات والاستيناس . [6] الجشب بفتح الجيم وسكون الشين : الغليظ الخشن . [7] العمارة : بالفتح : الحي العظيم . والمدائن هي : مدينة كسرى وقبل هي عدة مدن متقاربة ، تقع على سبع فراسخ من بغداد ، وهي دار مملكة الفرس ، وأول من نزلها أنو شيروان ، وبها إيوانه ، ولم تزل آثاره باقية حتى يومنا هذا ، وبها قبرا سلمان وحذيفة وهما مشيدان ويعرف المكان باسم : " سلمان باك " .
187
نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 187