نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 133
وحده لا شريك له ، كلمة جعل الإخلاص تأويلها ، وضمن القلوب موصولها ، وأنار في التفكر معقولها ، الممتنع من الأبصار رؤيته ، ومن الألسن صفته ، ومن الأوهام كيفيته ، ابتدع الأشياء لا من شئ كان قبلها ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها كونها بقدرته ، وذرأها بمشيته ، من غير حاجة منه إلى تكوينها ، ولا فائدة له في تصويرها ، إلا تثبيتا لحكمته ، وتنبيها على طاعته ، وإظهارا لقدرته ، تعبدا لبريته وإعزازا لدعوته ، ثم جعل الثواب على طاعته ، ووضع العقاب على معصيته ، زيادة لعباده من نقمته ، وحياشة [1] لهم إلى جنته ، وأشهد أن أبي محمدا عبده ورسوله اختاره قبل أن أرسله ، وسماه قبل أن اجتباه ، واصطفاه قبل أن ابتعثه ، إذ الخلائق بالغيب مكنونة ، وبستر الأهاويل مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة علما من الله تعالى بما يلي الأمور ، وإحاطة بحوادث الدهور ، ومعرفة بموقع الأمور ابتعثه الله إتماما لأمره ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، وإنفاذا لمقادير حتمه ، فرأى الأمم فرقا في أديانها ، عكفا على نيرانها ، عابدة لأوثانها ، منكرة لله مع عرفانها فأنار الله بأبي محمد صلى الله عليه وآله ظلمها ، وكشف عن القلوب بهمها [2] ، وجلى عن الأبصار غممها [3] ، وقام في الناس بالهداية ، فأنقذهم من الغواية ، وبصرهم من العماية ، وهداهم إلى الدين القويم ، ودعاهم إلى الطريق المستقيم . ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار ، ورغبة وإيثار ، فمحمد صلى الله عليه وآله من تعب هذه الدار في راحة ، قد حف بالملائكة الأبرار ، ورضوان الرب الغفار ، ومجاورة الملك الجبار ، صلى الله على أبي نبيه ، وأمينه ، وخيرته من الخلق وصفيه ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته . ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت : أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه ، وحملة دينه ووحيه ، وأمناء الله على أنفسكم ، وبلغائه إلى الأمم ، زعيم حق له فيكم ، وعهد
[1] حاش الإبل : جمعها وساقها . [2] بهمها : أي مبهماتها وهي المشكلات من الأمور . [3] الغمم : جمع غمة وهي : المبهم والملتبس وفي بعض النسخ " عماها " .
133
نام کتاب : الاحتجاج نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 133