زيارتي للعالم الجليل العلامة السيد مرتضى العسكري فتشرفت بلقائه في طهران . العلامة العسكري هو من العلماء العظام والأتقياء ومن مفاخر الشيعة ونجمه لامع في سماء البحث والتحقيق في عالم التشيع ، وهو غني عن التعريف خاصة عند أهل العلم والمحققين ، ولا يخفى على أحد ما يمتاز به هذا العالم النحرير ، من الهمة العالية والابتكارات البديعة ، وأنه قد انتهج سبيلا غاب عن علمائنا السلف أن يغتنموه ، وجهد كثيرا في تبيين حقائق التاريخ الإسلامي ، ونشاطه مؤثر في هذا المجال [1] . ومنذ تشرفي بزيارة سيادته تعرفت على أسمى الفضائل الخلقية والمعنوية التي كان يتصف بها العلامة العسكري ، هذا وعلاوة على ما استفدت من نبعه العلمي الوافر وتطلعه الزائد ، فقد تأثرت بهذه الشخصية العلمية والتقية كثيرا بحيث تغيرت برامجي الفكرية والتحقيقية . ولما اطلع العلامة العسكري - بدوره كالعلامة الأميني - على تأملاتي ومطالعاتي ونظر في مذكراتي نظرة فاحص ، أخذ في تشويقي وتشجيعي ، فأبدى من الفرح والسرور والمدح والثناء على عملي بحيث لم أكن أتوقعه ، ولم أر ذلك في شأني وشأن كتابي ، ثم أمرني بالإسراع في طبعه ونشره . ومع أن العلامة العسكري كان كثير العمل في المجالات العلمية والبحوث التحقيقية ، لكنه تفضل علي وراجع الكتاب وصححه وقدم لي إرشادات قيمة . وقدم لكتابي مقدمة غنية ومفيدة فشكر الله سعيه ، ومتع الله المسلمين بطول بقائه . وهذا في الواقع يمثل المرحلة الثالثة وهو الدافع لتكميل دراستي وإتمام بحثي .
[1] ألف في هذا الميدان كتبا كثيرة ، مثل : عبد الله بن سبأ ، مائة وخمسون صحابي مختلق ، وأحاديث عائشة أم المؤمنين ، فإنه قد كشف الستار عن الصورة الحقيقية لعبد الله بن سبأ والأصحاب المختلقين ودور أحاديث عائشة ، وأبرز الحقائق الدينية والتاريخية التي ظلت كامنة خلف الأستار منذ عهد الإسلام الأول ، وبين في كتبه الصراط القويم والتحقيق والبحث السليم للأجيال الآتية .