من بعده كابن أثير وابن كثير وابن خلدون اقتبسوا ما كتبوه في كتبهم من كتاب الطبري [1] . واتخذ شيعة إسلام الخلفاء - منذ القرن الرابع من الهجرة اقتداءا بعلمائهم - هذه الكتب الحديثية الستة مصدرا ومرجعا ونشروها ، ومن كتب التاريخ اعتمدوا فقط على تاريخ الطبري ومن سلك دربه ، وكانت نتيجة هذا الاعتماد على هذه الكتب أن نسيت مئات الكتب التي دونت في الحديث والتفسير والتاريخ غير التي ذكرناها [2] ، ومن هذا المنطلق أيضا تلاحظ أنهم أغلقوا على أنفسهم على الآخرين باب البحث والتحقيق في معرفة الإسلام الحقيقي الذي جاء به النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى البشرية كافة . وأما الأجيال التي تلت القرن الرابع الهجري وإلى عصرنا هذا - سوى شيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) - فقد اكتفوا بالتقليد الأعمى لأولئك حتى أن اعتبر الدين الذي اختلقته الأيادي الأجيرة والوضاعة للحديث هو الإسلام الواقعي ، الحق أن هذه الأحاديث المختلقة حول العقائد والأحكام وغيرها هي السد المنيع لمعرفة الإسلام المحمدي وهداية الضالين والمنحرفين . ولهذا ينبغي لعلماء الدين أن يبادروا في البحث والتحقيق عن الإسلام الواقعي الذي تمسك به أتباع مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقد حاورت الكثير من العلماء في العراق ومصر وسوريا ولبنان وإيران في بيان هذه الحقيقة ، وأرجو من الذين هم حفظة الدين أي الحوزات العلمية أن يلتفتوا إلى هذا الأمر بالجد والمثابرة . وفي هذا المجال فأول ما أسعدني هو هذا الكتاب الذي كتبه العلامة الفاضل الشيخ محمد صادق النجمي - أحد علماء الحوزة العلمية في قم المقدسة - . ولأسباب عديدة أرى من اللازم أن أقدر جهد مؤلفه الكريم من حيث : 1 - إن المؤلف في دراسته هذه قد أدى الدور اللازم في البحث والتحقيق في كتب
[1] عبد الله بن سبأ للعلامة العسكري 1 : 24 . [2] مثل أنساب الأشراف للبلاذري ، وكتاب أخبار الزمان والأوسط للمسعودي .