ونسأل الخليفة الذي تقلد زعامة المسلمين وجلس مجلس النبي ( صلى الله عليه وآله ) هل أن مثل هذه المسألة - من حيث البساطة - بحاجة إلى مشورة الآخرين ؟ وهل الخليفة كان جاهلا بذلك بالحكم ، أو أن الصفق بالأسواق والعمل بالتجارة ألهاه عن معرفة الحكم وتعلمه ؟ أو أنه أراد أن يحكم بما يخالف حكم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويبدي رأيه الخاص في تلك المسألة كما أبدى رأيه الخاص في قضايا أخرى ؟ وعلى كل حال لما كان هذا الحديث على خلاف مذاق البخاري ومذهبه بادر - ورعاية لمقام الخليفة - إلى تقطيعه بنقل أوله الذي بين فيه حكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالتعزير ومتابعة أبي بكر لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في ذلك ، وأسقط ذيله الذي فيه استشارة عمر لبعض الأصحاب . وإليك نص الحديث وندع الحكم والمقايسة للقارئ . أخرج البخاري : عن أنس بن مالك أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ضرب في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر أربعين [1] . عن أنس قال : جلد النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر أربعين [2] . وفي صحيح مسلم : عن ابن مالك : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين . قال : وفعله أبو بكر ، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانين ، فأمر به عمر [3] . 4 - معنى الأب : أخرج البخاري : عن ثابت عن أنس قال : كنا عند عمر فقال : نهينا عن التكلف [4] .
[1] صحيح البخاري 8 : 196 كتاب الحدود باب ما جاء في ضرب شارب الخمر . [2] صحيح البخاري 8 : 196 كتاب الحدود باب الضرب بالجريد والنعال . [3] صحيح مسلم 3 : 1330 كتاب الحدود باب ( 8 ) باب حد الخمر ح 1706 . [4] صحيح البخاري 9 : 118 كتاب الاعتصام باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه .