هل هجر فيما كتبه - والعياذ بالله - أو لم يهجر ؟ كما اختلفوا في ذلك وأكثروا اللغو واللغط نصب عينه ، فلم يتسن له يومئذ أكثر من قوله لهم : ( قوموا ) كما سمعت ، ولو أصر فكتب الكتاب للجوا في قولهم : ( هجر ) ، ولأوغل أشياعهم في إثبات هجره - والعياذ بالله - فسطروا به أساطيرهم ، وملأوا طواميرهم ، ردا على ذلك الكتاب وعلى من يحتج به . لهذا اقتضت حكمته البالغة أن يضرب ( صلى الله عليه وآله ) عن ذلك الكتاب صفحا لئلا يفتح هؤلاء المعارضون وأوليائهم بابا إلى الطعن في النبوة - نعوذ بالله ونستجير به - ، وقد رأى ( صلى الله عليه وآله ) أن عليا وأولياءه خاضعون لمضمون ذلك الكتاب سواء عليهم ، أكتب أم لم يكتب ؟ وغيرهم لا يعمل به ولا يعتبره لو كتب ، فالحكمة والحال هذه توجب تركه إذ لا أثر له بعد تلك المعارضة سوى الفتنة . كما لا يخفى والسلام [1] . وخلاصة المقال : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أحس بأن المعارضين الذين بهتوه بالهجر والهذيان وهو ما زال حيا ، فلا ريب أنهم يصرون ويلحون في إثبات ذلك عليه حتى يشككوا أشياعهم في أصل النبوة ويشطبوا على اعتبارها . فكان ما فوجئ به كافيا ، فلو كان يصر لكانت النتيجة أطم . ولذلك اقتضت حكمته أن يعرض عن الكتابة ويسد بالنتيجة باب الطعن على النبوة ذاتها . 5 - حج التمتع : ومن الأحكام الدينية والتعاليم الإسلامية التي تم تحريفها وتغييرها في عهد عمر بن الخطاب وبدلت ، عما كانت عليه في عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مسألة حج التمتع . وإن هذا التحريف العملي كحكم رسول الله جوبه في عهد عثمان بن عفان بالمخالفة الشديدة من قبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) حتى أرجع إلى حكمه الأول الذي كان في عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وحسب ما أمر به رسول الله وألغيت بدعة عمر بن الخطاب بعد أن عملوا بها