فكرة قتال المسلمين . وعلى أي حال يتضح مما ذكرناه ونقلناه عن ابن كثير وسائر المؤرخين ، ومن كلام أبي بكر أن السبب والباعث الرئيسي وراء قتاله لهؤلاء القوم لم يكن ارتدادهم وتراجعهم عن الإسلام ، أو إنكارهم لإحدى الضروريات الدينية - أي الزكاة - ، بل الباعث في قتالهم هو أنهم امتنعوا عن أداء الزكاة لأبي بكر كما كانوا يؤدونها لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . مالك بن نويرة عامل النبي ( صلى الله عليه وآله ) على الصدقات : الحروب التي شنت على القبائل المختلفة ، وقتل فيها رجالها وسبيت النساء والأطفال ، لم يكن سببها في الواقع هو ارتدادهم عن الدين وخروجهم عن الإسلام كما اتهموا بها ، وإنما السبب الواقعي هو امتناعهم عن أداء الزكاة للخليفة لأبي بكر . ولما كان استعراض كل الجزئيات المكنونة في تلك الحروب - الردة - وشرحها مما يستدعي ويستوجب الإطالة والإطناب ، فلذلك اكتفينا بذكر قصة قتل مالك بن نويرة ورجال قبيلته خاصة [1] . قال ابن حجر في ترجمة مالك بن نويرة : وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) استعمله على صدقات قومه - قبيلة بني تميم [2] . وقال ابن الأعثم الكوفي : ثم ضرب خالد عسكرا بأرض بني تميم ، وبث السرايا في البلاد يمنة ويسرة ، قال : فوقعت سرية من تلك السرايا على مالك بن نويرة فإذا هو في حائط له ومعه امرأته وجماعة من بني عمه . قال : فلم يرع مالك إلا والخيل قد أحدقت به ، فأخذوه أسيرا وأخذوا امرأته معه ، وكانت مسحة من جمال ، وأخذوا كل من كان معه من بني عمه ، فأتوا بهم إلى خالد بن الوليد حتى أوقفوا بين يديه .
[1] راجع : عبد الله بن سبأ للعلامة العسكري لتزداد اطلاعا عن حروب الردة . [2] الإصابة 5 : 560 ترجمة مالك بن نويرة رقم 7712 .