أقول : لقد امتلأت الكتب والمصادر المعتبرة وفاضت بذكر الطبيعة الخشنة ، والغلظة الخلقية التي كان الخليفة عمر بن الخطاب يتصف بها حتى قيل : إذا غضب الخليفة عمر لم يسكن حتى يعض على أنامله ويجرحها . يقول الزبير بن بكار بعد أن روى هذه الأمور : إن جارية أتت عمر بن الخطاب - أيام خلافته - تشتكي من أحد ابني الخليفة ، فما رام الخليفة إلا أن أخذ يده فعضها . وزاد ابن بكار : ولشدة هذه الصفة والغلظة التي كانت في الخليفة أضمر عبد الله بن عباس مخالفته للخليفة في مسألة العول ، ولما مات أظهر ذلك ، فقيل له : هلا قلت هذا في أيام عمر ؟ قال ابن عباس : هبته وكان أميرا مهيبا [1] . الإمامة والعلم بالأحكام الصفة الثانية من الصفات التي تلزم توفرها في الإمام هي الإحاطة التامة بالأحكام ، والإلمام الكامل بالتعاليم الدينية ، فالذي لم يعرف جزئيات الأحكام الدينية ، ولم يعلم أطراف المسائل ، لا بد أنه يرجع إلى الآخرين ويأخذ منهم حين تداهمه الحوادث والقضايا وهذا الفرد لا يليق له أن يتقلد الإمامة والقيادة ، لأنه قد يفتي بأحكام مضادة ومتناقضة مع الواقع ، ويسوق الناس إلى التيه والضلالة أو التحير والترديد . ولو تفحصنا التاريخ وكتب الحديث بمنظار التحقيق والبحث ، لوجدنا أن الخلفاء ومتقلدي الخلافة الإسلامية ، لم تكن لديهم المعرفة الكاملة بأحكام الدين كلياتها وجزئياتها ، وكانوا يلتمسون حل المسائل والأحكام من سائر المسلمين وصحابة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وما أكثر ما أفتوا بفتاو متضادة ومناقضة ومخالفة للواقع وأصدروا أحكاما غريبة حتى قال عنهم أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ، ثم ترد تلك