القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا ، وإلههم واحد ونبيهم واحد ، وكتابهم واحد ، أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه ، أم نهاهم عنه فعصوه ، أم أنزل الله دينا ناقصا ، فاستعان بهم على إتمامه ، أم كانوا شركاء فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى ، أم أنزل الله تعالى دينا تاما فقصر الرسول عن تبليغه وأدائه ، والله سبحانه يقول : ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) [1] و ( فيه تبيان كل شئ ) [2] ؟ [3] ولكي نقوم بإثبات هذه المسألة - وأنهم كيف أفتوا الناس بفتاو مناقضة بعضها بعضا ، ومباينة للواقع ولماذا انتقد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سيرتهم في الإفتاء واستنكرها عليهم - نشير إلى أحد عشر فتوى مخالفة للنص القرآني الصريح من الموارد المذكورة في الصحيحين ، وأما ما في كتب الحديث والتاريخ وغيرها فهي كثيرة ومتضافرة : 1 - التيمم : نصت الآيات القرآنية [4] والأحاديث على أن الإنسان إذا أجنب ، ولم يجد ماءا ، أو أن الغسل بالماء فيه ضرر عليه يجب عليه أداء الفرائض بالتيمم حتى يرتفع العذر . . . يروى أنه طرحت مسألة الجنابة وفقد الماء في مجلس الخليفة عمر بن الخطاب ، ولكنه جهل الحكم المنصوص في القرآن والسنة ، فأفتى بترك الصلاة وتعطيلها . فاعترض الصحابي عمار بن ياسر على حكم الخليفة ، وذكره بالحكم : التيمم وأداء الصلاة ، لكن الخليفة عمر بن الخطاب لم يقنع بجواب عمار ، وهدده ، فقال عمار : إن شاء الخليفة لم أحدث بهذا بعد .
[1] الأنعام 38 . [2] النحل : 289 . [3] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 288 ، نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح خطبة 18 . [4] النساء : 43 والمائدة : 6 .