ونقل أحمد بن حنبل في مسنده [1] ، وكذا ابن سعد في طبقاته [2] : إن أبا ذر كان في الجاهلية موحدا ومؤمنا بالله . أما الذين اختلقوا هذين الحديثين لم تكن غايتهم إلا محو الخزي والعار الذي أحدق بهم وبقبيلتهم - الذين حاربوا الإسلام ، حفظا للوثنية والشرك وتثبيتا لهما - . وقاوموا القرآن والرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وماتوا وهم مشركين كافرين . أو أنهم أظهروا إسلامهم مكرهين ، وطمعا في المال والدنيا وهم في الواقع كفار ومشركين . نعم إن مختلقي هذه الأحاديث أرادوا بوضعهم حديث كفر أبوي النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يشبهونهما بآبائهم ، وأن يزيلوا العار المطبق على أجدادهم وضمادا لحقارتهم . ولكن المؤسف أن أكثر المسلمين يعتبرون هذه الروايات الموضوعة صحيحة ، وعليها بنوا أسس عقائدهم . 2 - الرسول يأكل الحرام يمكنك أيها القارئ العزيز بعد أن عرفت الكلام حول الموضوع السابق - عدم إيمان والدي النبي - أن تتعرف الآن على اعتبار حديث آخر ، وضع نكاية بالرسول ( صلى الله عليه وآله ) نفسه ، يحكي لنا هذا الحديث أن النبي كان وثنيا قبل أن يبعث نبيا ، فعلى هذا يمكنك بعد قراءتك للحديث أن تحكم بصحته أو سقمه وضعفه . أخرج البخاري بإسناده عن سالم أنه سمع عبد الله بن عمر يحدث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل ، بأسفل بلدح ، وذاك قبل أن ينزل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الوحي ، فقدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سفرة فيها لحم ، فأبى أن يأكل منها ، ثم قال : إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم [3] ولا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه ( 2 ) .
[1] مسند الإمام أحمد 5 : 174 . [2] الطبقات الكبرى لابن سعد 4 : 219 . [3] كان العرب في الجاهلية ينصبون تماثيل وصخورا وصورا يعبدونها ، وهذه هي الأصنام والأوثان وأحيانا كانوا ينصبون صخورا حول الكعبة وهي ليست على أشكال وهيئات معينة وكانوا يسمونها بالنصب أو الأنصاب حيث كانوا يذبحون قرابينهم أمامها ويمسحون الصخور بدم القربان .