منذ اللحظة الأولى من وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وانسداد الأبواب العلمية والدينية ، ومن بعد ذلك ثبتت واستقرت في الصحاح الستة في عهد البخاري حتى النسائي - عام 256 - 279 ه . ونلاحظ أن هذه المسائل هي نفس المسائل التي كانت تطرح على أئمة أهل بيت رسول الله - منذ عهد الإمام الباقر ( عليه السلام ) حتى عهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) - وقد تصدى الأئمة للإجابة عليها ، ونفوها نفيا قاطعا حتى أنهم ( عليهم السلام ) أنكروا صدورها عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأعلنوا صريحا بأنها مزيفة ومختلقة - لأنهم أصحاب البيت وهم أعلم بما في البيت - . فعلى هذا فلو كان للتأويل والتبرير مجال وسبيل لتذرع به السائلون الذين سألوا الأئمة ( عليهم السلام ) واستفسروا منهم عن صحة تلك الأحاديث . رابعا : إن أحد الأسباب التي تدفعنا عن تأويل هذه الأحاديث وتمنعنا من توجيهها هو الأقوال والآراء التي اعتقد بها أغلبية علماء العامة الذين أفتوا بمنع تأويل هذه الأحاديث وضرورة التمسك بظواهرها ، حتى أن وصل بهم الأمر إلى تكفير المتأولين وحكموا عليهم بالكفر والزندقة والارتداد . وهاك أيها القارئ طرفا من تلك الأقوال والفتاوي : عقيدة علماء السنة في هذه الأحاديث : 1 - مسلم بن حجاج النيسابوري : عقد في صحيحه بابا خاصا للبحث في إثبات الرؤية وبابا آخر في كيفية الطريق إلى الرؤية . وأخرج في هذين الفصلين الأحاديث التي تحكي مسألة الرؤية وتصرح بمسألة الجهتية وتشير صريحا إلى تجسيم الله تعالى [1] . ومن الواضح أن تخريجه لهذه الأحاديث في هذين الفصلين من صحيحه يدل على القول بها والحكم بصحتها وإلزام المسلمين على الاعتقاد بظواهرها ونهيهم عن تأويل وتفسير عباراتها على غير ظاهرها .
[1] صحيح مسلم 1 : 163 - 172 كتاب الإيمان باب ( 80 - 81 ) .