ونقل الخطيب البغدادي عن البخاري نفسه يقول : رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ، ورب حديث سمعته بالشام وكتبته بمصر ، قيل له : يا أبا عبد الله بكماله ، قال : فسكت [1] . قال ابن حجر : وهذا من نوادر ما وقع في البخاري أنه يخرج الحديث تاما بإسناد واحد بلفظين - كما في حديث سحر النبي ( صلى الله عليه وآله ) [2] - . فلو تتبعنا وفحصنا في الأحاديث التي رواها البخاري في صحيحه لوجدنا أن البخاري اتبع أسلوب النقل بالمعنى في كثير منها ، وما ذكره ابن حجر فإنه من باب التمثيل لا الحصر . وعليه فهل يمكن لقارئ أن يعتمد على كتاب وضعه مؤلفه في مدة ستة عشر سنة ، كما اعترف البخاري أنه خرج وضبط فيه تلك الأحاديث التي سمعها في بلد ، وبعد مدة من الزمن كتبها وهو في بلد آخر ؟ ولا ريب أن هذه الفترة الزمنية التي فصلت بين سماع الحديث وبين تدوينه ، سوف تنسيه ألفاظ الحديث ، ويأتي مكانها بألفاظ أخرى غيرها ، أي يكون النقل فيه نقلا بالمعنى ، وبهذا يفقد الحديث شأنه واعتباره ، وأضف إلى ذلك احتمال أن تمحى الكثير من دقائق ألفاظ الحديث الأول عندما يروى بالمعنى . ولهذا السبب جعلنا موضوع النقل بالمعنى الذي اتبعه البخاري في تخريجه للأحاديث في صحيحه دليلا على ضعف أحاديثه . الدليل السادس : الآخرون يتممون الصحيح ومما يدل على ضعف أحاديث البخاري ووهنها هو أن الآخرين قاموا بإتمام
[1] تاريخ بغداد 2 : 11 . [2] فتح الباري 10 : 186 .