واستقدم المهدي أبا معشر السندي وأشخصه إلى بغداد ، وقال : تكون بحضرتنا تفقه من حولنا ، وكان أبو معشر ماهرا بوضع الأحاديث والقصص ، فقال ابن جزرة : أبو معشر أكذب من تحت السماء [1] . وقد جمع العلامة الكبير الشيخ الأميني ( قدس الله روحه ) قائمة بأسماء الرواة الذين رووا الموضوعات والمقلوبات ، وقدرها ب ( أربعمائة وثمانية آلاف وستمائة وأربعة وثمانين ) حديثا موضوعا ومقلوبا [2] . واستقصى سماحته ( سبعمائة ) من وضاع الحديث ، في الجزء الخامس من كتابه العظيم ( الغدير ) . وكشف اللثام الفيروزآبادي في ( سفر السعادة ) ، والعجلوني في ( كشف الخفاء ) ، والسيوطي في ( اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ) ، وابن درويش في ( أسنى المطالب ) عن مئات الموضوعات . وقال القرطبي : قد ذكر الحاكم وغيره من شيوخ المحدثين : ان رجلا من الزهاد انتدب في وضع الأحاديث في فضل القرآن وسوره ، فقيل له : لم فعلت هذا ؟ فقال : رأيت الناس زهدوا في القرآن ، فأحببت أن أرغبهم فيه ، فقيل : فان النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، فقال : أنا ما كذبت عليه ، وإنما كذبت له [3] . ان سيطرة الطبقة الحاكمة على زمام الأمور ، وفسح المجال لثلة من
[1] تاريخ بغداد ج 4 ص 431 . [2] راجع الغدير ج 5 ص 290 . [3] التذكار ص 155 .