كم قد غرت الدنيا من مخلد إليها ، وصرعت من مكب عليها ، فلم تنعشه من عثرته ، ولم تنقذه من صرعته ، ولم تشفه من ألمه ، ولم تبره من سقمه ، ولم تخلصه من وصمه ! : بل أوردته بعد عز ومنعة * موارد سوء ما لهن مصادر فلما رأى أن لا نجاة وأنه * هو الموت لا ينجيه منه التحاذر تندم إذ لم تغن عنه ندامة * عليه وأبكته الذنوب الكبائر إذ بكى على ما سلف من خطاياه ، وتحسر على ما خلف من دنياه ، واستغفر حين لا ينفعه الاستغفار ولا ينجيه الاعتذار ، عند هول المنية ، ونزول البلية : أحاطت به أحزانه وهمومه * وأبلس لما أعجزته المقادر فليس له من كربة الموت فارج * وليس له مما يحاذر ناصر وقد جشأت خوف المنية نفسه * ترددها منه اللها والحناجر هنالك خف عواده ، وأسلمه أهله وأولاده ، وارتفعت البرية بالعويل ، وقد آيسوا من العليل ، فغمضوا بأيديهم عينيه ، ومدوا عند خروج روحه رجليه ، وتخلى عنه الصديق ، والصاحب الشفيق : فكم موجع يبكي عليه مفجع * ومستنجد صبرا وما هو صابر ومسترجع داع له الله مخلصا * يعدد منه كل ما هو ذاكر وكم شامت مستبشر بوفاته * وعما قليل للذي صار صائر فشقت جيوبها نساؤه ، ولطمت خدودها إماؤه ، وأعول لفقده