فالبدار البدار ، والحذار الحذار ، من الدنيا ومكائدها ، وما نصبت لك من مصائدها ، وتحلت لك من زينتها ، وأظهرت لك من بهجتها ، و أبرزت لك من شهواتها ، وأخفت عنك من قواتلها وهلكاتها ! وفي دون ما عاينت من فجعاتها * إلى دفعها داع وبالزهد آمر فجد ولا تغفل وكن متيقظا * فعما قليل يترك الدار عامر فشمر ولا تفتر فعمرك زائل * وأنت إلى دار الإقامة صائر ولا تطلب الدنيا فإن نعيمها * وإن نلت منها غبة لك ضائر فهل يحرص عليها لبيب ؟ أو يسر بها أريب ؟ وهو على ثقة من فنائها ، وغير طامع في بقائها . أم كيف تنام عينا من يخشى البيات ، وتسكن نفس من توقع في جميع أموره الممات ؟ ! ألا لا ولكنا نغر نفوسنا * وتشغلنا اللذات عما نحاذر وكيف يلذ العيش من هو موقف * بموقف عدل يوم تبلى السرائر كأنا نرى أن لا نشور وأننا * سدى ما لنا بعد الممات مصادر ! وما عسى أن ينال صاحب الدنيا من لذتها ، ويتمتع به من بهجتها ؟ ! مع صنوف عجائبها وقوارع فجائعها ، وكثرة عذابه في مصابها وطلبها ، وما يكابد من أسقامها وأوصابها وآلامها ؟ ! : أما قد نرى في كل يوم وليلة * يروح علينا صرفها ويباكر تعاورنا آفاتها وهمومها * وكم قد نرى يبقى لها المتعاور فلا هو مغبوط بدنياه آمن * ولا هو عن تطلابها النفس قاصر