الخواطر موكول إلى مَن هو أعلى شأناً منّي وأشدّ اطّلاعاً منّي على الآثار النبويّة والأخبار الدينيّة ، وهذا ما بلغ إليه جهدي ونالته طاقتي ؛ والله الموفّق للصواب وإليه المرجع والمآب . حاشية أُخرى : وإنّما قلت : إنّه لا يمكن تفسير باقي الحديث على وجه تسكن النفس إليه ؛ لأنّه يمكن تفسيره بتكلّف بأن يقال : الظاهر هو الله تعالى ومعناه المستحقّ للعبادة ، ولا تحقّ العبادة إلاّ الله الواحد الأحد ، فهذه هي الأسماء الثلاثة الظاهرة قد دلّ على بعضها بدلالة المطابقة وعلى بعضها بدلالة الالتزام ، واللوازم هنا وإن كثرت فوجه التخصيص بهذين الاسمين لوجوه : منها أنّه قد دلّ العقل والنقل على أنّه سبحانه إنّما خلق هذا العالم ليعرف به ، لا لأمر آخر ، فالأهمّ حينئذ تقديم خلق ما يدلّ على المعرفة ويحصل به الإيمان والتوحيد ، ولا شكّ أنّه إنّما يحصل بهذه الأسماء الثلاثة ، فإنّها مفاد كلمة التوحيد . ومنها أنّه في كتاب التوحيد لمّا فسّر الأسماء الحسنى ذكر الاسمين بعد لفظ الجلالة ، ولا شك أنّه إنّما بدأ بالأشرف فالأشرف . ومنها أنّ كمال هذين الاسمين ليس لغيرهما ، وكمال غيرهما لا يتمّ حتى يعود إليهما ، فإنّ القادر مثلاً لا يكون صفة لله حتى يجعل صفة أقدر الأقدرين وهو واحد وكذا جميع الصفات . ثم اعلم أنّه تعالى إنّما خلق أربعة أسماء أوّلاً ؛ لأنّ أسماءه تعالى إمّا أن تدلّ على الذات المقدّسة من غير إضافة كمال إليها ، أو سلب ضدّه عنها ، أو على الإضافة فقط ، أو السلب فقط ، أو الإضافة والسلب معاً ، فلابدّ من أربعة أسماء ، وإذا حجب واحداً منها بقي ثلاثة هي الله ، الواحد ، الأحد ، كما أشرنا إليه ، وهي أُصول التوحيد ، فإذا أُريد التوحيد التامّ الكامل - وهو إنما يحصل بإثبات الصفات الثبوتية ونفي السلبيّة - فلابدّ من أسماء تدلّ على إضافة تلك إليه وسلب هذه عنه تقدّس وتعالى ، وحيث كان