القول ب " العدم " ، أي عدم الصانع ، إذ لافرق في عدم المعرفة بين جحده وعدم إثباته ، " والجهة الثانية " وهي كونه مخطوراً بالبال من جهة الحواس وحدها له ، وتمثيلها إيّاه هو " التشبيه " وهو متعال عنه ، " إذ التشبيه صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف فلم يكن " لنا " بدٌّ من إثبات الصانع " على خلاف ذلك ، أي مخطوراً بالبال غير محدود بالحواس ولا ممثّل بها " لِوجود المصنوعين و " لحصول " الاضطرار " المنسوب " إليهم ، فإنّهم مضطرّون مصنوعون " وقد حقّقنا فيما سبق معنى كونهم مضطرّين في قوله ( عليه السلام ) : " القوم مضطرّون يا أخا أهل مصر " . * قوله ( عليه السلام ) : فله إنّيّة ومائيّة ؟ [ ص 84 ح 6 ] إنّيّة الشيء ما يقال به للشيء : إنّه كذا وكذا بعد العلم بها ، ومائيّته ماهيّته ، وكثيراً ما تقلب الهاء همزة وبالعكس ، وماهيّة الشيء ما به يقال له : هو كذا وكذا ، وهنا حيث إنّها غير معلومة لنا لا يمكنّا ( 1 ) القول بأنّه كذا أو هو كذا ، وهذا لا يدلّ على عدمها . * قوله : فله كيفيّة ؟ قال : لا ؛ لأنّ الكيفيّة إلخ [ ص 84 ح 6 ] يريد أنّه هل له سبحانه كيفيّة معلومة من باب حذف الصفة بقرينة ما سيأتي من أنّه لابدّ من إثبات كيفيّة له لا يعلمها غيره سبحانه ، ثمّ إنّه ( عليه السلام ) علّل ذلك بأن الكيفيّة جهة الصفة والإحاطة ، يعني معلوميّة الكيفية جهة الصفة ، أي سبب لإمكان توصيف الذات وتعيينها وتحديدها والإحاطة بها وهو سبحانه متعال عن ذلك ؛ لأنّ من علم كيفيّة شيء أمكنه تحديده وتعيينه ؛ " ولكن لابدّ من الخروج من جهة التعليل والتشبيه " ، أي لابدّ من إثباته تعالى على خلاف ما عليه خلقه ، " ولابدّ " أيضاً " من إثبات كيفية له لا يستحقّها غيره " ولا يعلمها سواه ، فالإستدراكان معطوف ثانيهما على الأوّل ، وهما معاً راجعان إلى قوله : أو ليس له كيفية ، ووجه الاستدراك في الموضعين ظاهر ؛ والله سبحانه أعلم . * قوله ( عليه السلام ) : يخرجه من الحدّين [ ص 85 ح 7 ] يعني يخرجه عن الحدّين حال كونه
1 . كتب فوقها في النسخة لفظة " كذا " . والصواب فكّ الإدغام .