عدم العلم بالشيء لا يستلزم نفيه ، وقوله ( عليه السلام ) : " فأنت من ذلك في شك " معناه أنّك من ذلك ، أي لأجل عدم العرفان بالوجود ، مرتبتك الشك في الوجود - أي وجود ما في السماء والأرض وما خلفهما ممّا لا علم لك بوجوده - لا الظنّ ، والحكم بالعدم " فلعلّه " أي لعلّ ما حكمت بعدمه " هو " ، أي على ما حكمت به من العدم " ولعلّه ليس هو " ؛ بل موجود ، فكيف تحكم بالعدم ، وقوله : " ولعل ذلك " ، أي ولعلّ غير ذلك ، ولعلّ ذلك . وحاصله أنّ حالك أيّها الرجل في إنكارك الصانع وجحودك له كحالك في إنكارك ما في الأرض والسماء وما خلفهما ، إذ أنكرت كلّ واحد منهما لمجرّد عدم علمك بوجوده ، وليس هذا ممّا يليق بالعاقل ، فهو من باب التشبيه المطويّ فيه ذكر المشبّه كالإستعارة ، وليس باستعارة . وقوله ( عليه السلام ) : " تفهّم عنّي " معناه : خذ المعرفة بالله سبحانه عنّي " فإنّا " أهل البيت " لا نشك في الله أبداً " . اعلم أنّه - صلوات الله عليه - لمّا أراد أن يعكس اعتقاده من الإنكار إلى الإقرار بالصانع تعالى ، ولا شك أنّ نقل الشيء من الضدّ إلى الضدّ لا يخلو من صعوبة ومشقّة ، نقله بحسن البيان ولطف المكالمة إلى الشكّ أوّلاً كما مرّ ، ثم منه إلى اعتقاد الحقّ ، فقال ( عليه السلام ) : " أما ترى الشمس والقمر " وما أودعهما الله سبحانه من عجائب القدرة وأسرار الحكمة ، فتعلم أنّ هذا لا يكون إلاّ من حكيم قادر وعليم قاهر ، ولظهور تلك الحكم وبيان تلك الأسرار لم يتعرّض لبيانهما ، ثم قال ( عليه السلام ) : " والليل والنهار يلجان " ، أي يدخل كلّ واحد منهما في صاحبه ، وذلك عند انتقال الشمس من البروج الجنوبية إلى الشمالية ورجوعها ، فإنّ كلّ واحد منهما في صاحبه بحيث لا يخفى على أحد ، وهو معنى قوله : " فلا يشتبهان ويرجعان " ، أي يرجع كلّ واحد منهما إلى مكانه بعد ذهابه " قد اضطرّا " إلى ذلك الرجوع " ليس لهما مكان إلاّ مكانهما ، فإن كانا يقدران