الإشارة ب " ذلك " إلى عدم العقل ، والضمير في " يرتفع " عائد إلى الجار في قوله : " إنّ لي جاراً " ، وفي " منه " [ عائد ] إلى ما مرّ من قوله : " كثير الصلاة ، كثير الصدقة ، كثير الحجّ " والتذكير والإفراد باعتبار ما مرّ كما قالوا في قوله : فيها خُطُوطٌ من سواد وبَلَقْ * كأنّه في الجِلْد تَوْليعُ البَهَقْ ( 1 ) أي كأنّ ما مرّ ، وحرفا الجرِّ في الموضعين للسببيّة ، والمعنى لا يرتفع ذلك الجار ، أي لا تعلو درجته عند الله لأجل تلك العبادة بسبب عدم عقله ، ف " من " تعليل للمنفيّ والباء تعليل للنفي . وحاصل المعنى أنّ عدم عقله سبب انحطاط درجته عند الله وإن كثرت عبادته ، وهذا هو الموافق لمضمون الأحاديث السابقة . قوله : فما الحجّة على الخلق اليوم [ ص 25 ح 20 ] لا يذهب عليك أنّ السؤال إنّما كان عن جنس الإمام : أهو الكتاب كما يقولون ، أم الإمام المعصوم كما نقوله نحن ؟ فجوابه ( عليه السلام ) يخيّل في بادئ الرأي أنّه غير واقع موقعه إلاّ أنّه عند التأمّل قد أصاب المخبر ؛ إذ معناه أنّ العقل يعرف به الصادق والكاذب منكم ومنهم ، ف " العقل " مسند إليه و " يعرف به " مسند ، ولا حذف ولا تجوّز ، ويحتمل أن يراد الحجّةُ " العقلُ " فجملة " يعرف به " حينئذ حال والمسند إليه محذوف ، وتسمية الحجّة على العباد عقلاً من باب المجاز ؛ فإنّها مسببّة عنه ، ووجه مطابقة الجواب للسؤال على كلا التقديرين ظاهر ؛ إذ حاصل المعنى أنّ من راجع عقله عرف المحقّ عن الفريقين ؛ فإنّ الدلائل الدالّة على وجوب إرسال الرسل بعينها دالّة على وجوب نصب الأوصياء المعصومين بعدهم ، فالقول ب " حسبنا كتاب ربّنا " باطل .
1 . البيت لرؤبة كما في لسان العرب ، ج 8 ، ص 411 ( ولع ) وج 10 ، ص 29 ( بهق ) وفي تاج العروس ، ج 6 ، ص 298 ( بلق ) .