يرضاه وما يسخطه ، وفي قوله عزّ وجلّ : ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَلهَا ) ( 1 ) بيّن لها ما تأتي وما تترك . والبيان إنّما يكون بإرسال الرسل بالشرائع والأديان ، ومثله [ في الحديث 5 ] قول أبي عبد الله ( عليه السلام ) في جواب عبد الأعلى حين سأله من الناس : هل كلّفوا المعرفة ؟ قال : [ لا ] على الله البيان ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ) ( 2 ) . وعلى الثاني أنّ الحجة لا يقوم لله على جميع خلقه إلاّ بإمام ، أي وصي بعد ذلك الرسول يُعرّفهم أحكام تلك الشريعة في كلّ عصر ، فهو تصريح بردّ ما عليه المخالفون من قولهم : حسبنا كتاب ربّنا وسنّة نبيّنا ، والأظهر حمل الإمام هنا على الأعم وعليه ينطبق قول أبي عبد الله ( عليه السلام ) في رواية أبان بن تغلب الآتية [ في الحديث 4 ] : " الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق " ، فتأمّل فيه . * قوله ( عليه السلام ) : الحجّة قبل الخلق إلخ [ ص 177 ح 4 ] قبل الخلق كآدم ، ومع الخلق كباقي الرسل والأئمة ، وبعد الخلق كصاحب الأمر ، وسيأتي في حديث [ 3 ] في باب لو لم يبق إلاّ رجلان لكان أحدهما الحجّة : " إنّ آخر من يموت الإمام ؛ لئلاّ يحتجّ أحد على الله تعالى أنّه تركه بغير حجّة لله عليه " . باب معرفة الإمام والردّ إليه قوله ( عليه السلام ) : ( إنّما ( 3 ) يعبده هكذا ضلاّلاً ) ( 4 ) [ ص 180 ح 1 ] أي مثل عبادة هؤلاء الذين هم كالأنعام بل هم أضلّ سبيلاً ، يشير إلى عبادة المخالفين الذين لا يعرفون إمامهم . وقوله : " ضُلاّلاً " منصوب على المصدريّة ، والمعنى : من لا يعرف الله سبحانه إنّما يعبده مثل عبادة هؤلاء عبادة ضلاّل عن الحقّ ، أي عبادة باطل .
1 . الشمس ( 91 ) : 8 . 2 . البقرة ( 2 ) : 286 . 3 . في هامش النسخة : " في أصل الكتاب : فإنما " . 4 . في النسخة كتب فوق ما بين الهلالين : " كذلك العنوان " .