الكتاب : إنّ المشبِّهة تتعلّق بقوله عزّ وجلّ ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) ( 1 ) ولا حجّة لهم ( 2 ) في ذلك ؛ لأنّه عزّ وجلّ عنى بقوله " ثم استوى على العرش " [ أي ] ثمّ نَقَلَ العرش إلى فوق السماوات وهو مستول عليه ومالِك له ، فقوله عزّ وجلّ : " ثُمّ " إنّما هو رفع ( 3 ) العرش إلى مكانه الذي هو فيه ونقله للاستواء ، فلا يجوز أن يكون معنى قوله " استوى " استولى ؛ لأنّ استيلاء الله تبارك وتعالى على المُلك وعلى الأشياء ليس هو بأمر حادث ، بل لم يزل بالكمال ( 4 ) وإنّما ذكر [ عزّ وجلّ ] الاستواء بعد قوله : " ثُمّ " وهو يعني الرفع مجازاً ، وهذا كقوله : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّبِرِينَ ) ( 5 ) فذكر " نَعْلَمَ " مع قوله : " حتى " وهو عزّ وجلّ ، يعني حتى يُجاهد المجاهدون ونحن نعلم ذلك ؛ لأنّ " حتى " ( 6 ) لا يقع إلاّ على فعل حادث ، وعلمُ الله عزّ وجلّ لا يكون حادثاً " انتهى ( 7 ) فهذا يُعطي أنّه أراد بالعرش الفلك المحيط بالعالم هذا . واعلم أنّ الأحاديث المذكورة في هذا الكتاب في هذا الباب والذي قبله لا تخرج عن المعنيين السابقين عند التأمّل ، فإنّ أحاديث هذا الباب كلّها مراد بها العلم . والذي قبلها مراد بها جملة جميع ما خلق الله سبحانه ، فتأمّل ذلك بعين البصيرة تجد صدق ذلك ؛ والله أعلم . * قوله ( عليه السلام ) : فالكرسي محيط الخ [ ص 130 ح 1 ]
1 . الأعراف ( 7 ) : 54 . 2 . في المصدر : " لها " . 3 . في المصدر : " لرفع " . 4 . كذا في النسخة ، والمصدر : " بل لم يزل مالكاً لكلّ شيء ومستولياً على كل شيء " . 5 . محمّد ( 47 ) : 31 . 6 . في النسخة : " حتى نعلم " . 7 . التوحيد ، ص 317 - 318 ، باب 48 ، ح 43 .