responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأمالي نویسنده : الشيخ الصدوق    جلد : 1  صفحه : 81


فتدرع المدرعة على بدنه ، ووضع البرنس على رأسه ، ثم أتى بيت المقدس ، فأقبل يعبد الله عز وجل مع الأحبار حتى أكلت مدرعة الشعر لحمه ، فنظر ذات يوم إلى ما قد نحل من جسمه فبكى ، فأوحى الله عز وجل إليه : يا يحيى ، أتبكي مما قد نحل من جسمك ! وعزتي وجلالي لو اطلعت على النار اطلاعة لتدرعت مدرعة الحديد فضلا عن المنسوج [1] ، فبكى حتى أكلت الدموع لحم خديه ، وبدا للناظرين أضراسه ، فبلغ ذلك أمه ، فدخلت عليه ، وأقبل زكريا واجتمع الأحبار والرهبان ، فأخبروه بذهاب لحم خديه ، فقال : ما شعرت بذلك .
فقال زكريا : يا بني ، ما يدعوك إلى هذا ؟ إنما سألت ربي أن يهبك لي لتقر بك عيني . قال : أنت أمرتني بذلك يا أبه ، قال : ومتى ذلك يا بني ؟ قال : ألست القائل : إن بين الجنة والنار لعقبة لا يجوزها إلا البكاءون من خشية الله ؟ قال : بلى ، فجد واجتهد وشأنك غير شأني .
فقام يحيى ، فنفض مدرعته ، فأخذته أمه ، فقالت : أتأذن لي - يا بني - أن أتخذ لك قطعتي لبود [2] تواريان أضراسك ، وتنشفان دموعك ؟ فقال لها : شأنك . فاتخذت له قطعتي لبود تواريان أضراسه ، وتنشفان دموعه ، فبكى حتى ابتلتا من دموع عينيه ، فحسر عن ذراعيه ، ثم اخذهما فعصرهما ، فتحدرت الدموع من بين أصابعه ، فنظر زكريا إلى ابنه وإلى دموع عينيه ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : اللهم إن هذا ابني ، وهذه دموع عينيه ، وأنت أرحم الراحمين .
وكان زكريا ( عليه السلام ) إذا أراد أن يعظ بني إسرائيل يلتفت يمينا وشمالا ، فإن رأى يحيى ( عليه السلام ) لم يذكر جنة ولا نارا ، فجلس ذات يوم يعظ بني إسرائيل ، وأقبل يحيى قد لف رأسه بعباءة ، فجلس في غمار الناس [3] ، والتفت زكريا يمينا وشمالا فلم



[1] في نسخة : المسوح .
[2] اللبود : جمع لبد ، وهو كل شعر أو صوف متلبد ، سمي به للصوق بعضه ببعض .
[3] غمار الناس : جمعهم المزدحم المتكاثف .

81

نام کتاب : الأمالي نویسنده : الشيخ الصدوق    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست