لهما على : " الله بيني وبينكم ، وإليه أكلكم ، وبه أستظهر عليكم . اذهبوا حيث شئتم " . ثم بعث علي إلى حنظلة بن الربيع ، المعروف بحنظلة الكاتب [1] ، وهو من الصحابة ، فقال : يا حنظلة ، أعلي أم لي ؟ قال : لا عليك ولا لك . قال : فما تريد ؟ قال : اشخص إلى الرها [2] ، فإنه فرج من الفروج ، اصمد له حتى ينقضي هذا الأمر . فغضب من ذلك خيار بني عمرو بن تميم - وهم رهطه - فقال : إنكم والله لا تغروني من ديني . دعوني فأنا أعلم منكم . فقالوا : والله لئن لم تخرج مع هذا الرجل لا ندع فلانة تخرج معك - لأم ولده - ولا ولدها . ولئن أردت ذلك لنقتلنك . فأعانه ناس من قومه فاخترطوا سيوفهم ، فقال : أجلوني [ حتى ] أنظر . فدخل منزله وأغلق بابه حتى إذا أمسى هرب إلى معاوية ، وخرج من بعده إليه من قومه رجال كثير ، ولحق ابن المعتم أيضا حتى أتى معاوية ، وخرج معه أحد عشر رجلا من قومه . وأما حنظلة فخرج بثلاثة وعشرين رجلا من قومه ، ولكنهما لم يقاتلا مع معاوية واعتزلا الفريقين جميعا ، فقال حنظلة حين خرج إلى معاوية : يسل غواة عند بابى سيوفها * ونادى مناد في الهجيم لأقبلا سأترككم عودا لأصعب فرقة * إذا قلتم كلا يقول لكم بلى قال : فلما هرب حنظلة أمر على بداره فهدمت ، هدمها عريفهم بكر بن تميم ، وشبث بن ربعي ، فقال في ذلك :
[1] هو حنظلة بن الربيع - ويقال ابن ربيعة - بن صيفي ، ابن أخي أكثم بن صيفي حكيم العرب . وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم مرة كتابا فسمى بذلك " الكاتب " . وكانت الكتابة قليلة في العرب . وكان ممن تخف عن علي عليه السلام يوم الجمل . وهو الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " لليهود يوم وللنصارى يوم ، فلو كان لنا يوم " فنزلت سورة الجمعة . انظر الإصابة 1855 والمعارف 130 . [2] الرها ، بضم أوله والمد والقصر : مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام