أنت فيه نادم هو يوم وفاتك ، وسوف تتمنى أنك لم تظهر لمسلم عداوة ولم تأخذ على حكم رشوة . قال شريح : فأبلغته ذلك فتمعر وجه عمرو وقال : متى كنت أقبل مشورة علي أو أنيب إلى أمره وأعتد برأيه ؟ ! فقلت : وما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم صلى الله عليه مشورته . لقد كان من هو خير منك ، أبو بكر وعمر ، يستشيرانه ويعملان برأيه . فقال : إن مثلي لا يكلم مثلك [1] . فقلت : بأي أبويك ترغب عن كلامي ؟ بأبيك الوشيظ [2] ، أم بأمك النابغة ؟ فقام من مكانه ، وأقبلت رجال من قريش على معاوية فقالوا : إن عمرا قد أبطأ بهذه الحكومة ، وهو يريدها لنفسه ، فبعث إليه معاوية : نفى النوم ما لا تبتغيه الأضالع * وكل امرئ يوما إلى الصدق راجع [3] فيا عمرو قد لاحت عيون كثيرة * فيا ليت شعري عمرو ما أنت صانع ويا ليت شعري عن حديث ضمنته * أتحمله يا عمرو ؟ ما أنت ضالع [4] وقال رجال إن عمرا يريدها * فقلت لهم عمرو لي اليوم تابع فإن تك قد أبطأت عني تبادرت * إليك بتحقيق الظنون الأصابع فإني ورب الراقصات عشية * خواضع بالركبان والنقع ساطع بك اليوم في عقد الخلافة واثق * ومن دون ما ظنوا به السم ناقع
[1] في الأصل : " إلا مثلك " ، وكلمة " إلا " مقحمة . [2] الوشيظ : الخسيس ، والتابع ، والحليف ، والدخيل في القوم ليس من صميمهم ، وفي الأصل : " الوسيط " صوابه في ح والطبري . [3] في الأصل : " ما لا يبلغنه " . [4] ضالع ، أراد به المطيق القوي ، من الضلاعة وهي القوة وشدة الأضلاع . ولم يرد هذا المشتق في المعاجم ، وفيها " الضليع " .