وفيها بكاء ، أما نحن معشر الرجال فإنا لا نبكي ، ولكن نفرح لهم [ ألا نفرح لهم [1] ] بالشهادة ؟ ! فقال على : رحم الله قتلاكم وموتاكم . وأقبل يمشي معه وعلي راكب ، فقال له على : ارجع . ووقف ثم قال له : ارجع ، فإن مشي مثلك فتنة للوالي ومذلة للمؤمنين . ثم مضى حتى مر بالناعطيين [2] فسمع رجلا منهم يقال له عبد الرحمن بن مرثد [3] ، فقال : ما صنع على والله شيئا ، ذهب ثم انصرف في غير شئ . فلما نظر أمير المؤمنين أبلس [4] فقال على : وجوه قوم ما رأوا الشام العام . ثم قال لأصحابه : قوم فارقتهم آنفا خير من هؤلاء . ثم قال : أخوك الذي إن أحرضتك ملمة * من الدهر لم يبرح لبثك واجما [5] وليس أخوك بالذي إن تمنعت * عليك أمور ظل يلحاك لائما [6] ثم مضى ، فلم يزل يذكر الله حتى دخل الكوفة [7] . قال نصر : وفي حديث عمرو بن شمر قال : لما صدر علي من صفين . أنشأ يقول [8] : وكم قد تركنا في دمشق وأرضها * من أشمط موتور وشمطاء ثاكل
[1] التكملة من الطبري . [2] الناعطيون ، بالنون : حي من همدان ، نسبة إلى جبل لهم يسمى " ناعط " . الاشتقاق 251 ومعجم البلدان . وفي الأصل : " الباعطيين " تحريف ، وهو على الصواب الذي أثبت في الطبري . [3] الطبري : " عبد الرحمن بن يزيد ، من بني عبيد من الناعطيين " . [4] الطبري : " فلما نظروا إلى علي أبلسوا " . والإبلاس : أن تنقطع به الحجة ويسكت . [5] أحرضه : أفسده وأشفى به على الهلاك . الطبري : " أجرضتك " ، أي أغصتك . [6] الطبري : " إن تشعيت " . [7] الطبري : " القصر " . [8] سبقت هذه الأبيات في ص 492 - 493 .