فأجابه معاوية : من معاوية إلى علي : أما بعد - عافانا الله وإياك - فإني إنما قاتلت على دم عثمان ، وكرهت التوهين [1] في أمره وإسلام حقه ، فإن أدرك به فبها ، وإلا فإن الموت على الحق أجمل من الحياة على الضيم . وإنما مثلي ومثل عثمان كما قال المخارق : متى تسلى عن نصرتي السيد لا يجد لك السيد بيت السيد عندي مسلما [2] إذا حل بيتي عند جاري لم يخف غوائل ما يسري إذا الليل أظلما وقلت له في الرحب وجهك إنني سأمسك عنك الدار أن يتهدما [3] فكتب إليه علي بن أبي طالب : أما بعد فإنك وما ترى كما قال أوس ابن حجر : وكائن يرى من عاجز متضعف * جنى الحرب يوما ثم لم يغن ما يجني ألم يعلم المهدي الوعيد بأنني * سريع إلى ما لا يسر له قرني وإن مكاني للمريدين بارز * وإن برزوني ، ذو كؤود وذو حضن [4] فكتب إليه معاوية : عافانا الله وإياك . إنا لم نزل للحرب قادة وأبناء . لم تصب مثلنا ومثلك ، ولكن مثلنا كما قال أوس :
[1] التوهين : الإضعاف . وفي الأصل : ( التدهين ) . [2] السيد ، بالكسر : قبيلة من قبائلهم ، من بني ضبة . [3] وجهك : أي الجهة التي تنتويها في السفر . والدار مؤنثة ، وقد تذكر . [4] الكؤود : العقبة الشاقة المصعد ، الصعبة المرتقى .