كل منظر ، أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، يقضي فيفصل ، ويقدر فيغفر ، ويفعل ما يشاء ، إذا أراد أمرا أمضاه ، وإذا عزم على أمر قضاه ، لا يؤامر أحدا فيما يملك ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون . والحمد لله رب العالمين على ما أحببنا وكرهنا . ثم كان فيما قضى الله أن ساقتنا المقادير [1] إلى هذه البقعة من الأرض ، ولف بيننا وبين أهل العراق ، فنحن من الله بمنظر . وقد قال سبحانه : ( ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد " . انظروا يا معاشر أهل الشام فإنما تلقون غدا أهل العراق ، فكونوا على إحدى ثلاث أحوال : إما أن تكونوا قوما طلبتم ما عند الله في قتال قوم بغوا علكم فأقبلوا من بلادهم حتى نزلوا في بيضتكم ، وإما أن تكونوا قوما تطلبون بدم خليفتكم وصهر نبيكم صلى الله عليه ، وإما أن تكونوا قوما تذبون عن نسائكم وأبنائكم . فعليكم بتقوى الله والصبر الجميل . أسأل الله لنا ولكم النصر ، وأن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين " . فقام ذو الكلاع فقال : يا معاوية : إنا لنحن الصبر الكرام [2] * لا ننثني عند الخصام بنو الملوك العظام * ذوو النهى والأحلام لا يقربون الآثام فلما سكت قال له معاوية : صدقت . نصر قال : أخبرني عمر بن سعد قال : أخبرني رجل عن جيفر بن أبي
[1] في الأصل : " وساقتنا المقادير " صوابه في ح ( 1 : 497 ) . [2] كذا ورد هذا الشعر على ما به من اضطراب ظاهر في الوزن . وهو أشبه ما يكون بالنثر والتسجيع . وفي ح : " نحن الصبر الكرام " .