نجالد غسانا وتشقى بحربنا * جذام ووتر العبد غير طلوب [1] فلم أر فرسانا أشد حفيظة * إذا غشى الآفاق نفح جنوب أكر وأحمى بالغطاريف والقنا * وكل حديد الشفرتين قضوب وقال ابن الكواء : ألا من مبلغ كلبا ولخما * نصيحة ناصح فوق الشقيق فإنكم وإخوتكم جميعا * كباز حاد عن وضح الطريق وبعتم دينكم برضاء عبد * أضل بها مصافحة الرقيق [2] وقمتم دوننا بالبيض صلتا * بكل مصانع مثل الفنيق [3] وساروا بالكتائب حول بدر * يضيئ لدى الغبار من البريق يعني بالبدر عليا . حتى إذا كان يوم الخميس التاسع من صفر ، خطب الناس معاوية وحرضهم وقال : " إنه قد نزل من الأمر ما قد ترون ، وحضركم ما قد حضركم . فإذا نهدتم إليهم إن شاء الله فقدموا الدارع ، وأخروا الحاسر ، وصفوا الخيل مجنبين ، وكونوا كقص الشارب ، وأعيرونا جماجمكم ساعة ، فإنما هو ظالم أو مظلوم . وقد بلغ الحق مقطعه ، والناس على تعبئة أخرى " . نصر ، عن عمر قال : حدثني رجل عن جابر ، عن الشعبي قال : قام معاوية يخطب بصفين قبل الوقعة العظمى فقال : " الحمد لله الذي علا في دنوه ، ودنا في علوه ، وظهر وبطن ، وارتفع فوق
[1] غير طلوب : أي قريب سهل المنال . وأصله من قولهم " بئر طلوب " أي بعيدة الماء . [2] العبد : العبيد ، والأصل فيه ضم الباء ، وسكنها للشعر . [3] المصانع : الفرس الذي لا يعطيك جميع ما عنده من السير ، له صون يصونه ، فهو يصانعك ببذله سيره . وفي الأصل : " مضالع " ولا وجه له . والفنيق : الفحل المكرم .