عثمان بن عفان [1] . [ وتراجع معاوية عن مكانه القهقري كثيرا ، وأشفق على نفسه ، وأرسل إلى حبيب بن مسلمة مرة ثانية وثالثة يستنجده ويستصرخه . ويحمل حبيب حملة شديدة بميسرة معاوية على ميمنة العراق فكشفها ، حتى لم يبق مع ابن بديل إلا نحو مائة إنسان من القراء ، فاستند بعضهم إلى بعض يحمون أنفسهم ، ولجج ابن بديل في الناس وصمم على قتل معاوية ، وجعل يطلب موقفه ويصمد نحوه حتى انتهى إليه ] عبد الله بن عامر واقفا ، [ فنادى معاوية بالناس : ويلكم ! الصخر والحجارة إذا عجزتم عن السلاح ] . فأقبل أصحاب معاوية على عبد الله بن بديل يرضخونه بالصخر [2] حتى أثخنوه وقتل الرجل ، وأقبل إليه معاوية وعبد الله بن عامر [ حتى وقفا عليه ] . فأما عبد الله ابن عامر فألقى عمامته على وجهه وترحم عليه ، وكان له [ من قبل ] أخا وصديقا ، فقال معاوية : اكشف عن وجهه . [ فقال : لا والله ، لا يمثل به وفي روح . فقال معاوية : اكشف عن وجهه ، فإنا لا نمثل به ] ، فقد وهبته لك [3] . فكشف [ ابن عامر ] عن وجهه فقال معاوية : هذا كبش القوم ورب الكعبة اللهم أظفرني بالأشتر النخعي والأشعث الكندي . والله ما مثل هذا إلا كما قال الشاعر [4] : أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
[1] بعد هذا في الأصل : " حتى إذا أزال معاوية عن موقفه " وهي عبارة مقحمة . [2] ح : " فرضخه الناس بالصخر والحجارة " . [3] ح : " قد وهبناه لك " . [4] هو حاتم الطائي من قصيدة له في ديوانه ( خمسة دواوين العرب 121 - 122 ) .