فلما سمع هاشم بن عتبة [1] مقالتهم [ قام [2] ] فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : سربنا يا أمير المؤمنين إلى هؤلاء القوم القاسية قلوبهم ، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، وعملوا في عباد الله بغير رضا الله ، فأحلوا حرامه وحرموا حلاله ، واستولاهم الشيطان [3] ووعدهم الأباطيل ومناهم الأماني ، حتى أزاغهم عن الهدى وقصد بهم قصد الردى ، وحبب إليهم الدنيا ، فهم يقاتلون على دنياهم رغبة فيها كرغبتنا في الآخرة إنجاز موعود ربنا . وأنت يا أمير المؤمنين أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه رحما ، وأفضل الناس سبقة وقدما . وهم يا أمير المؤمنين منك مثل الذي علمنا . ولكن كتب عليهم الشقاء ، ومالت بهم الأهواء وكانوا ظالمين . فأيدينا مبسوطة لك بالسمع والطاعة ، وقلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة ، وأنفسنا تنصرك [4] جذلة على من خالفك وتولى الأمر دونك . والله ما أحب أن لي ما في الأرض مما أقلت ، وما تحت السماء مما أظلت ، وأني واليت عدوا لك ، أو عاديت وليا لك . فقال على : اللهم أرزقه الشهادة في سبيلك ، والمرافقة لنبيك صلى الله عليه وآله وسلم . ثم إن عليا صعد المنبر فخطب الناس ودعاهم إلى الجهاد ، فبدأ بالحمد لله والثناء عليه ثم قال : إن الله قد أكرمكم بدينه ، وخلقكم لعبادته ، فانصبوا أنفسكم في أداء
[1] هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص . وكان معه لواء علي رضي الله عنه يوم صفين ، وقتل في آخر أيامها . انظر الإصابة 8913 والاشتقاق 96 . [2] ليست في الأصل . وفي ح : " . . . ما قالاه أتى عليا عليه السلام فقال : سر بنا " . [3] كذا في الأصل . وفي ح ( 1 : 282 ) : " واستهوى بهم الشيطان " وظني بها " استهواهم " . [4] في الأصل : " بنورك " ، صوابها في ح .