نصر : قال أبو عبد الله ، عن سليمان بن المغيرة ، عن علي بن الحسين : خطبة علي بن أبي طالب في الجمعة بالكوفة والمدينة : " إن الحمد لله ، أحمده [1] وأستعينه وأستهديه ، وأعوذ بالله من الضلالة . من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، انتجبه [2] لأمره ، واختصه بالنبوة ، أكرم خلقه وأحبهم إليه ، فبلغ رسالة ربه ، ونصح لأمته ، وأدى الذي عليه . وأوصيكم بتقوى الله ، فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله وأقربه لرضوان الله ، وخيره في عواقب الأمور عند الله . وبتقوى الله أمرتم ، وللإحسان والطاعة خلقتم . فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه ، فإنه حذر بأسا شديدا . واخشوا الله خشية ليست بتعذير [3] ، واعملوا في غير رياء ولا سمعة ، فإن من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل له ، ومن عمل لله مخلصا تولى الله أجره . وأشفقوا من عذاب الله ، فإنه لم يخلقكم عبثا ، ولم يترك شيئا من أمركم سدى ، قد سمى آثاركم ، وعلم أعمالكم ، وكتب آجالكم . فلا تغروا بالدنيا فإنها غرارة بأهلها ، مغرور من اغتر بها ، وإلى فناء ما هي . وإن الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون . أسأل الله منازل الشهداء ، ومرافقة الأنبياء ، ومعيشة السعداء ، فإنما نحن له وبه " . ثم إن عليا عليه السلام أقام بالكوفة ، واستعمل العمال .
[1] ح : " الحمد الذي أحمده " . [2] في اللسان : " انتجب فلان فلانا ، إذا استخلصه واصطفاه اختيارا على غيره " . ح : " انتخبه " . والانتخاب بالخاء : الاختيار . [3] التعذير : التقصير مع إظهار الاجتهاد . وفي الحديث : " جاء بطعام جشيب فكنا نعذر " ، أي نقصر ونظهر أننا مجتهدون .