فأجابه معاوية بما لا حاجة إلى ذكره . ثم إن معاوية كتب إلى عماله من جميع النواحي : من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان ومن قبله من المسلمين ، سلام عليكم ، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو . أما بعد ، فالحمد لله الذي كفاكم مؤنة عدوكم ، وقتل خليفتكم ، إن الله بلطفه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده فاغتاله وترك أصحابه متفرقين مختلفين ، فجاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم ، فاقبلوا إلى حين يأتيكم كتابي بجهدكم وجندكم وحسن عدتكم ، فقد أصبتم بحمد الله وبلغتم الامل ، وأهلك الله أهل البغي والعدوان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ثم كتب إلى زياد وكان عامل علي ( ع ) بفارس ، فضبطها ضبطا حسنا ، فلما قتل علي بقي زياد في عمله ، فأقره الحسن على فارس ، فخاف منه معاوية ، فكتب إليه : من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن عبيد ، أما بعد ، فإنك عبد كفرت النعمة ، ولقد كان الشكر أولى بك من الكفر ، وظننت أنه لا ينالك سلطاني ، هيهات ما كل ذي لب يصيب رشده ، بالأمس عبد واليوم أمير ، حطة ما ارتقاها مثلك يا بن سمية ، فإذا أتاك كتابي فخذ لي البيعة علي [ من ] معك وأسرع الإجابة ، فإنك إن تفعل فدمك حقنت ونفسك تداركت ، وإلا اختطفتك بأهون سعي ، ورددتك إلى حيث كنت والسلام . فلما وصل الكتاب إلى زياد اغتاظ غيظا شديدا وجمع الناس فصعد المنبر وقال : عجبا لابن آكلة الأكباد ، يتهددني وبيني وبينه ابن بنت رسول الله في مائة ألف من المهاجرين والأنصار ، والله لو أذن لي فيه لرأيته الكواكب نهارا ، ولأوسعته ماء الخردل ، اليوم الكلام والجمع غدا . ثم كتب لمعاوية : أما بعد فقد وصل كتابك وفهمت ما فيه ، فرأيتك