ثم رجع ( ع ) مقهقرا وهو يقول : يا جداه ، يا طيباه ، يا طاهراه ، لا جعله الله آخر العهد مني لزيارتك ، ورزقني العود إليك وإلى المقام في حرمك ، والسكون مع الأبرار من ولدك الصالحين ، والسلام عليك وعلى الملائكة المحدقين بك ورحمة الله وبركاته . فقلت : يا سيدي أتأذن لي أن أعلم الناس ؟ قال : نعم فأعطاني دراهم فأصلحت بها القبر ، فكان ما هو الآن معروفا عند شيعته ، وقد كان مختفيا لوصية سبقت منه لعلمه بما [ في ] قلوب المنافقين والمارقين ، حتى قيل إن صبيحة دفنه أخرجوا أربعة توابيت ، فبعثوا بواحد إلى بيت الله الحرام ، وواحد إلى المدينة ، وواحد إلى بيت المقدس ، وأدخلوا بيته واحدا . وروي ان سبب ظهوره أن هارون الرشيد خرج يوما للصيد والقنص في ظاهر الكوفة ، فرأى ظبيا كثيرا ، فأرسل عليهم الصقور والكلاب ، فالتجأت الظبا بالأكمة ، فوقفت عنها الصقور والكلاب . وكان يفعل ذلك مرارا كثيرة ، فأخبر هارون عن تلك الأكمة أخبره رجل من بني أسد عن آبائه أن فيها قبر أمير المؤمنين ( ع ) فبنى عليه قبة ، ولعل ذلك بعد اندراسه من العمارة الأولى لهجرانه خوفا من الأعداء . يقول الصادق ( ع ) من ترك زيارة أمير المؤمنين خوفا من أحد لم ينظر الله إليه ، ألا تزورون من تزوره الملائكة . ولله در من قال من الرجى : [ قد قلت للبرق الذي شق الدجا * فكان زنجيا هناك يجذع ] [ يا برق إن جئت الغري فقل له * أتراك تعلم من بأرضك مودع ] [ فيك ابن عمران الكليم وبعده * عيسى يقفيه وأحمد يتبع ] [ بل فيك نور الله جل جلاله * لذوي البصائر يستشف ويلمع ] [ فيك الامام المرتضى فيك الوصي * المجتبى فيك البطين الأنزع ] [ هذا ضمير العالم الموجود من * عدم وسر وجوده المستودع ] [ هذي الإمامة لا يقوم بحملها * حلقاء هابطة وأطلس أرفع ]