وقال : الحمد لله الذي من علي بك يا مولاي ، فلما مضى من شهر رمضان شطره ، دخل المسجد يوما فصلى ركعتين ، ثم صعد المنبر وخطب خطبة أكثر فيها من الحمد والثناء ، ثم التفت إلى ولده الحسن وقال له : يا أبا محمد كم بقي من شهرنا هذا ؟ فقال الحسن ( ع ) : ثلاثة عشر يوما يا أمير المؤمنين ، ثم التفت إلى ولده الحسين ( ع ) وقال له : يا أبا عبد الله كم مضى من شهرنا هذا ؟ فقال الحسين : سبعة عشر ليلة يا أمير المؤمنين ، فضرب على لحيته وهي يومئذ بيضاء ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، ليخضبها بدمها إذ انبعث أشقاها ، ثم قال ( ع ) : قل ما أصحبكم ، قالت أم كلثوم : لما سمعت ذلك من أبي قلت له وكيف ذلك يا أبتاه ؟ قال ( ع ) : رأيت البارحة نبي الله في منامي وهو يمسح الغبار عن وجهي ويقول : يا علي لا عليك وقد قضيت ما عليك . وما زال ابن ملجم يتربص به الغفلة ، وينتهز فيه الفرص ، ويصلح سيفه ويكرر صقله ويسقيه ، فدخل يوما بيته فأخذته الملعونة قطام وأخرجته من جفنه تنظر إليه وإلى حسن صقله ، فقالت : إني أريد أن أسقيه سما نقيعا عندي ، فقال ابن ملجم : إنه لا حاجة له في السم ، وهو لو وقع على حجر أبرأه شطرين ، فقالت : لابد له من السم ، لان عليا ليس كمن لاقيت من الشجعان ، فما زالت تصفه وتعظمه في عينه بكلام يغيظه ليجهد نفسه في قتله ، فأخذه بعدما عملت فيه ما شاءت من السم ، وخرج إلى السوق ومر على الإمام ( ع ) وهو عند ميثم التمار ، فسلم عليه بخشوع النفاق وخضوع الملاق ، فجعل أمير المؤمنين يطيل النظر إليه ، ويرسل الفكر فيما عزم عليه ، فقال : يا ميثم هذا قاتلي لا محالة ، فقال : ومتى يكون ذلك يا سيدي ؟ فقال ( ع ) : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) [1] وإذا نزل القضاء فلا مرد له ، وكفى بالأجل حارسا ، ثم استرجع وحولق وذكر رسول الله ( ص ) وقال :